للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنَّظر إلى مجموعِ هذه القَرائن، نجِد أنَّها تحسِم الاحتمالَ، وتقود إلى القطعِ بالمُراد مِن (الرَّفع)، بأنَّه الرَّفع الحسِّي لا غير.

وجُملة هذه القرائن تنقسم إلى قسمين: القسم الأوَّل: قرائن خارجيَّة؛ والقسم الثَّاني: قرائن داخليَّة (دلالة السِّياق).

فأمَّا القسم الأوَّل: وهي القرائن الخارجيَّة، فتدور حول جملةٍ مِن الدَّلالات:

الدَّلالة الأولى: ما تواتر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم تواترًا مَعنويًّا مِن أَنَّ عيسى عليه السلام ينزل في آخر الزَّمان، ولا معنى للنُّزولِ إلَّا كونه كان مُستقرًّا في الَّسماء.

الدَّلالة الثَّانية: دلالة الآثار الواردةِ عن أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومِن ذلك: ما صَحَّ عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: «لمَّا أَراد اللهُ أن يرفع عيسى عليه السلام إلى السَّماء .. »، وفيه: «ورُفِعَ عِيسى مِن رَوْزنَةٍ (١) كانت في البيتِ إلى السَّماءِ .. » (٢).

ومِثل هذا الأثر الثَّابت عن ابن عباس رضي الله عنه لا يكون مِن قَبيل الرَّأي المُجرَّد، وما كان كذلك فهو في حكم المَرفوع.

الدَّلالة الثَّالثة: دَلالةُ الإجماع المُتَيَقَّن الَّذي سبق بيانه.

فهذه قرائن مِن خارج النَّص، فلو لم يكن في المسألة لبيان معنى الرَّفع في الآية إلَّا واحدة من تلك الدَّلالات: لكَفَت في نَفي الاحتمال، فكيف إذا تضافرت؟ بل كيف إذا اعتضدت بالقرينة الأخرى؟! وهي:


(١) الروزنة: الكوة أو الخَرق فِي أعلى السَّقفِ، انظر «المحكم» لابن سيده (٩/ ٢٦).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (٤/ ١١١٠) من طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير به، قال ابن كثير عن هذا الإسناد في «البداية والنهاية» (٢/ ٥١٠): «وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط مسلمٍ»، ورواه أيضًا النَّسائي في «سنن الكبرى» (رقم:١١٧٠٣) من طريق أبي كريب عن أبي معاوية به نحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>