للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا وضْعُ الجِزية ودقُّ الصليب ونحو ذلك في زمن وجود عيسى عليه السلام في آخر الزَّمان؛ ليس هو من المسيح عليه السلام على معنى الإنشاءِ والنَّسخِ للشَّريعة المحمديَّة ابتداءً لتشريع آخرَ مِن قِبَلِه -كما تَوَهَّمه المعترض- وإنمَّا المقصود: أنَّ مَشروعية أخذِ الجِزية، وتخييرِ أَهلِ الذِّمةِ بين الإيمان وبين أداءِ الجزية أو القتال: مُقيَّدةٌ بزمَنِ ما قبل نزولِ عيسى عليه السلام، والتَّقييد جاء مِن قِبَل النَّبي صلى الله عليه وسلم كما دَّلت عليه هذه الأحاديث؛ لا مِن قِبَل عيسى عليه السلام (١).

وفي تقرير هذه الحقيقة يقول النَّووي: «ومعنى وضع عيسى الجزية؛ مع أنَّها مَشروعة في هذه الشَّريعة: أنَّ مَشروعيَّتها مُقيَّدة بنزولِ عيسى عليه السلام؛ لِما دَلَّ عليه هذا الخبر، وليس عيسى بناسخٍ لحكمِ الجِزية، بل نبيُّنا صلى الله عليه وسلم، وهو المُبيِّن للنَّسخِ بقولِه هذا» (٢).

وبهذا تذوب شُبهاتُ الباطلِ عن أحاديث نزولِ المَسيح، كما سيذوب الدَّجال إذا رأى المسيح عليه السلام! والحمد لله على توفيقِه في أوَّله ومُنتَهاه.


(١) انظر «دفع دعوى المعارض المعقلي» (ص/٥٠٣ - ٥٠٤).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٢/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>