للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق؛ فلكلِّ شيءٍ سجود يَختصُّ به يفارق غيرَه مِن المخلوقات، وسجودٌ يَشترك فيه مع غيره (١).

وأمَّا الشُّبهة الثالثة من دعوى (الكُرديِّ) أنَّ مِن البَدهيَّات المستقرَّة والمشاهدة: أنَّ الشَّمس مستقرَّة في مكانها، لا تذهب لعرش ولا مكانٍ آخر:

فيُطالَب ابتداءً بتصحيحِ مُقدِّمَتيه الَّتي بَنَى عليهما بطلان الحديث؛ وذلك بالكَشْف عن وجهِ البَداهة المستقرَّة في كون الشَّمس ثابتةً لا متحرِّكة؛ كون ذلك ممَّا يشهده الحِسُّ، ودعواه أنَّ الشُّروق والغروب مِن حركة الأرض حول الشَّمس، وليس هو من فعلِ الشَّمس، واستنكر نسبةَ ذلك في الحديث إلى فعلِها في قوله صلى الله عليه وسلم: « .. يقال لها: اِرجعي من حيث جئتِ، فتطلع من مغربها».

فأمَّا المقدِّمة الأولى: فحَسْبُ المؤمنِ يَقينًا بالوَحيِ ما ذكره خالقُ الكونِ في كتابه وعلى لسانِ رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فإنَّ العَليم جل جلاله قد أسندَ في كتابِه إلى الشَّمسِ ما هو أبلغ من الحركة، كالجَرْيِ والسَّبْح؛ فقال تبارك وتعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا} [يس: ٣٨]، وقال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: ٣٣].

وقد أثبتَ العِلمُ الحديث -الَّذي يتبجَّح به المعترض في تعالُمِه ذاك- هذه الحقيقة الشَّرعيَّة، فقد نَسبَ علماء الفَلك المعاصرون للشَّمسِ ثلاثَ حَركات في عدَّة مَسارات:

١ - دورانُها حول نفسِها كما تفعلُ الأرض بنفسِ اتِّجاهِ دَورانها (٢).

٢ - وجريانُها حول مركز مَجرَّة (درب التَّبانة)، كما تفعل باقي النُّجوم الَّتي بداخل هذه المجرَّة (٣).


(١) «دفع دعوى المعارض العقلي» (ص/٨١٠).
(٢) ذكرت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) أن الأرض تدور بنفس اتجاه دروان الأرض، وهو المسمى بـ (دوران كارنغتون)، نسبةً إلى العالم الفلطي (ريتشارد كارنغتون)، الذي كان أول من لاحظ دوران البقع الشمسية مرةً كل ٢٧ أو ٢٨ يومًا، انظر «موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة المطهرة» ليوسف الحاج (ص/٣٦٨).
(٣) المصدر السابق (ص/٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>