للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تابعهم مِن المعتزلة، الَّذين أنكروا خروجَ أحدٍ مِن النَّار بعد دخولها، فيذكرون هذا القَدْر مِن الحديث الَّذي فيه النَّص الصَّريح في الرَّد عليهم فيما ذهبوا إليه مِن البدعةِ المخالفةِ للأحاديث» (١).

على أنَّه قد جاء في روايةٍ لحديثِ أنس رضي الله عنه نفسِه تصريحُ النَّبي صلى الله عليه وسلم بإجابته لاستشفاعهم به، في قوله: « .. فيأتوني -يعني النَّاسَ في المَحشر بعد ما أَتَوا عيسى عليه السلام- فأقول: أنا لها، فأستأذن على ربَّي .. » (٢).

وكذا في حديث حذيفة رضي الله عنه بيان المُضمَر من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، في قول النَّبي صلى الله عليه وسلم: « .. فيَأتون محمَّدا صلى الله عليه وسلم، فيقوم، فيُؤذَن له، وتُرسل الأمانة والرَّحم، فتقومان جَنْبتي الصِّراط يمينًا وشمالًا، فيمرُّ أوَّلُكم كالبرق .. » (٣).

يقول القاضي عياض: «وبهذا يتَّصَلُ الحديث؛ لأنَّ هذه هي الشَّفاعة الَّتي لَجأ النَّاس إليه فيها، وهي الإراحةُ مِن المَوقف، والفصل بين العباد، ثمَّ بعد ذلك حلَّت الشَّفاعة في أمَّتِه وفي المُذنبين، وحلَّت شفاعةُ الأنبياء وغيرِهم والملائكة، كما جاء في الأحاديث الأُخر» (٤).

وبهذا تنمحي شُبهات العقول عن هذه الأخبارِ في شفاعتِه صلى الله عليه وسلم، والحمد لله.


(١) «شرح الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي (١/ ٢٨٦).
(٢) أخرجه البخاري في (ك: التوحيد، باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم، رقم: ٧٥١٠)، ومسلم في (ك: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم: ٣٢٦).
(٣) أخرجه مسلم الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم: ٣٢٩). في (ك: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم: ٣٢٩).
(٤) «إكمال المعلم» (١/ ٥٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>