قلت: د. يوسف القَرضاوي -وهو مِمَّن نحا مَنحى الاستبعادِ والإحالةِ للحديث- بعدَ نقلِه إنكارَ أحمد شاكرٍ على ابنِ العربيِّ تأويلَ الحديث، اعترِفَ أنَّ مسْلكَ شاكرٍ يقوم على «مَنطقٍ قَويٍّ ومُقنِعٍ»، لكنَّه رجَّح مع ذلك طريقةِ المُتأوِّلين للحديث، حيث قال في كتابه «كيف نتعامل مع السنة النبوية» (ص/١٨٢): «كلام الشَّيخ -يعني أحمد شاكر- .. يقوم على مَنطقٍ قويٍّ مُقنِعٍ، ولكنَّه في هذا المَقام خاصَّةً غير مُسَلَّم، والفِرار مِن التَّأويل هنا لا مُبرِّر له، فمِن المَعلوم المُتيقَّن الَّذي اتَّفَق عليه العقل والنَّقل: أنَّ الموتَ الَّذي هو مفارقةُ الإنسانِ للحياةِ ليس كبشًا، ولا ثورًا، ولا حيوانًا مِن الحيوانات؛ بل هو معنىً مِن المعاني، أو كما عبَّرَ القدماء: عَرَضٌ من الأعراض، والمعاني لا تنقلِبُ أجسامًا ولا حيواناتٍ؛ إلَاّ مِن بابِ التَّمثيل والتَّصَوُّر الَّذي يجسِّم المعاني والمَعقولات، وهذا هو الأليق بمخاطبةِ العقلِ المعاصرِ، والله أعلم». وقد سبق ترجيح النَّأي عن هذا المسلك في التَّعامل مع الحديث في أعطافِ كلامِ ابن القيِّم، ولَم أرَ د. القَرضاويَّ يشير إليه موافقةً أو مخالفةً، فلعلَّه لم يَرَه أو لم يُقنعه، والله أعلم.