للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فـ (عبدُه) و (قُطب) إنْ كانا قد تَوَهَّما بتكذيبِهما للخَبر أنَّهما بذلك قد نصرا السُّنةَ وأثبتا دعائِمَها، فقدَ تكالبَ غيرهُما على ترداد نفسِ شُبهتِهما مِن طوائف أهلِ الرَّفضِ ومُنكري السُّنن لهدمِ صَرحِ السُّنَةِ بالمرَّة! وقذْفِ الرِّيَبِ في قلوبِ أهلِها منها.

ترى قُبحَ ما انطوَت عليه صُدور هؤلاء القومِ في مثل قول (هاشم معروف) الإماميِّ: «كيف يصِحُّ على نبيٍّ لا ينطق عن الهوى كما وصَفه ربُّه، أن يكون فِريةً للمُشَعوذين، فيفقدَ شعورَه، ويَغيبَ عن رُشدِه، ومع ذلك يصفه القرآن بأنَّه لا يَنطق إلَّا بما يوحى إليه، ويفرض على النَّاس أجمعين أن يقتدوا بأقوالِه وأفعالِه؟! والمَسحور قد يقول غير الحقِّ، ويفعل ما لا يجوز فعله على سائر النَّاس، وقد يخرج عن شعورِه وإدراكِه» (١).

وكذا في قولِ (سامر إسلامبولي): «هذا السِّحرُ في العقلِ يَتصادم بشكلٍ صريحٍ مع مَقامِ النُّبوة، لأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم (٢) مَعصومٌ عن أيِّ شيءٍ يُصيب عقلَه مِن تخريفٍ وهَلوسةٍ وهذيانٍ وجنونٍ، وغير ذلك مِن الأمراض الَّتي تُصيب العقل، وهذا الحفظ الرَّبانيُّ هو ضرورة لحفظ مادَّة الوحيِ مِن الضَّياع أو التَّشكيك فيها، فالقولُ بسِحر النَّبي صلى الله عليه وسلم هو طعنٌ بمادَّةِ الوحي، لأنَّ المَسحور لا يُؤخَذ منه شيء، لفقدانِه أهليَّة التَّبيلغ، وعدم الثِّقة بعقله وحكمه على الأشياء» (٣).

أمَّا (إسماعيل الكرديُّ)، فبلَّغه فهمُه ليُسنِد هذه الشُّبهة إلى قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧]، قال: «أيُنكِرون قولَ الله بأنَّه عَصَم رسولَه مِن أيِّ تأثيرٍ للنَّاس عليه؟ ويُثبِتون حديثًا مُلفَّقًا لا لشيءٍ، إلَّا لأنَّه في البخاريِّ ومسلم؟!» (٤).


(١) «دراسات في الكافي وصحيح البخاري» (ص/٢٤٧).
(٢) الصَّلاة على سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم زيادة مِني على نصِّ المنقول عنه، حيث حُرم الصَّلاة عليه متى ذكره، كما هي عادة المنكرين للسنة عمومًا في خطاباتهم ومؤلَّفاتهم.
(٣) «تحرير العقل من النقل» (ص/٢٤٤).
(٤) نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث ص/١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>