للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدٍ من أهل التَّاريخ ولا المُعانين للتَّنجيم نفيُ الواقعةِ نفسِها؛ «فالحُجَّة فيمن أثبتَ، لا فيمن يوجدُ عنه صريح النَّفي؛ حتَّى إن وُجِد عنه صريح النَّفي، يُقدَّم عليه مَن وُجِد منه صريحُ الإثبات» (١).

وعلى خلافِ ما سارعوا إليه مِن النَّفيِ المطلقِ عن أربابِ التَّواريخ تدوين هذه الواقعة، فقد ذكر ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) أنَّها قد أُرِّخ لها في بعضِ بلاد الهندِ، وأنَّه بُنِي بناءٌ تلك اللَّيلة، وأُرِّخ بليلةِ انشقاقِ القمر! (٢)

يعزِّز هذا النَّقلَ ما ذكره الكشميريُّ (ت ١٣٥٣ هـ) عن كتاب «تاريخ فَرِشْتَه» للاستربادي (٣): أنَّ أحد ملوكِ الهند رأى الانشقاقَ، يُسمَّى: (راجهُ وجبال)، وأنَّ على اسمه سُمِّيت بلدة (بَهوبال) (٤)!

وينقل رحمة الله الهندي (ت ١٣٠٨ هـ) عن نفسِ كتاب الاسترابادي: أنَّ أهل مِلِيبار من إقليم الهند رأوه أيضًا، وأسلَمَ والي تلك الدِّيار، الِّتي كانت مِن مجوس الهند، بعد ما تحقَّق له هذا الأمر (٥).

يشهد لهذا النَّقل: ما وَقَف عليه بعض الأكاديميِّين في مكتبة المركز الهنديِّ بالمتحف البريطانيِّ بمدينة لندن: حيث رأوا في إحدى المخطوطات الهنديَّة القديمة المحفوظة فيها: أنَّ أحدَ ملوك مِليبارْ -وهي إحدى مُقاطعات جنوب غربيِّ الهند- وكان اسمه «شاكْرُوتي فارْماد»: عايَنَ انشقاقَ القمر على نفسِ عهدِ محمَّد صلى الله عليه وسلم، وأنَّه أخذ يحدِّث النَّاس بذلك! (٦)


(١) «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ١٨٥ - ١٨٦).
(٢) انظر «البداية والنهاية» (٤/ ٢٩٩).
(٣) لمؤلفه: محمد قاسم هندوشاه الاستربادي، نزيل الهند، الملقب بـ (فرشته)، المتوفى في حدود سنة ١٠١٨ هـ، اشتهر بهذا التاريخ، كتب فيه بالفارسية تاريخ الهند من الفتح الإسلامي، إلى العام الذي توفي فيه، واعتمد على عدة مصادر هي الآن مفقودة، ولم يُترجم بعد حسب علمي، انظر «كشف الظنون» (٦/ ٢٦٨).
(٤) «فيض الباري» (٥/ ٤٠٨).
(٥) «إظهار الحق» للهندي (٤/ ١٠٣٩).
(٦) نقلًا عن «السماء في القرآن الكريم» لـ د. زغلول النجار (ص/٥٤٢ - ٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>