للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّبي صلى الله عليه وسلم مَن عايَن هذه الواقعة من المشركين، لا شكَّ أنَّ مَن جَعل ذلك كلَّه دَبْرَ أُذنيه فقد كابر المقطوع به في شريعتِنا (١).

وقد حكى جلَّةٌ مِن الأئمَّة إجماعَ الأوائلِ على وقوع هذه الحادثة، وحكم بعضهم بالتَّواتر لها، مُستفادًا مِن «روايةِ خَلقٍ مِن الصَّحابة، وعنهم خَلْق» (٢)، إلى أن دُوِّنت الواقعة في دواوين الإسلام، حتَّى نظمها ابن جعفر الكتَّاني في سِلك الأحاديث الَّتي بلغتْ مبلغَ «التواتُر» و «الاستفاضة» (٣).

فمِن أولئك الأعلامِ الَّذين صرَّحوا بذلك:

ابن عبد البَرِّ؛ حيث قال: «قد روى هذا الحديث جماعةٌ كثيرة من الصَّحابة، وروى ذلك أمثالهم من التَّابعين، ثمَّ نقله عنهم الجمُّ الغفير، إلى أن انتهى إلينا، ويؤيَّد ذلك بالآية الكريمة، فلم يبقَ لاستبعادِ مَن استبعدَه عذرٌ» (٤).

وقال القاضي عياض: «أجمع المفسِّرون وأهلُ السُّنة على وقوعه» (٥)، ثمَّ ذَكرَ مَن رواه مِن الصَّحابة، منهم: عليٌّ، وابن مسعود، وحذيفة، وجُبير بن مُطعِم، وابن عمر، وابن عبَّاس، وأنس رضي الله عنهم (٦).

وكذا قال ابن كثير: «قد أجمع المسلمون على وقوع ذلك في زمِنِه عليه الصَّلاة والسَّلام، وجاءت بذلك الأحاديث المتواترة مِن طرق متعدِّدة، تفيد القطعَ عند مَن أحاط بها، ونَظر فيها» (٧).

وقال أبو العبَّاس القرطبي: «قد روى هذا الحديث جماعةٌ كثيرة من الصَّحابة .. وفاضتْ أنوارُه علينا، وانضافَ إلى ذلك ما جاء من ذلك في القرآن


(١) «دفع دعوى المعارض العقلي» (ص/٣٥٣).
(٢) «البحر المحيط» للزركشي (٦/ ١٢٥).
(٣) انظر «نظم المتناثر» (ص/٢١٢)، وانظر «لوامع الأنوار البهية» للسفاريني (٢/ ٢٩٨).
(٤) نقلًا عن «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ١٨٦)
(٥) «الشفا» (١/ ٢٨١).
(٦) انظر «موافقة الخُبر الخبر» لابن حجر (١/ ٢٠١).
(٧) «البداية والنهاية» (٤/ ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>