للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٣٣].

فهذا في حقِّ عقابِ النَّبي صلى الله عليه وسلم لمن تَلبَّس بجُرم الحرابة.

أمَّا ما ورد من سَمْلِه لأعين العُرنيِّين بالنَّار:

فإنَّما فَعَل بهم ذلك قَصاصًا، كما في روايةٍ أخرى لأنس: «إنَّما سَمَل النَّبي صلى الله عليه وسلم أعيُن أولئك، لأنَّهم سَمَلوا أعين الرُّعاء» (١).

وفي تقرير هذا التَّخريجِ للفعل النَّبويِّ، يقول ابن حزم: «كان ما زادَه رسول الله صلى الله عليه وسلم على القطعِ مِن السَّمْل، وتركهم لم يحسِمهم (٢) حتَّى ماتوا: قصاصًا بما فعلوا بالرِّعاء .. ».

ثمَّ أورَد بإسنادِه روايةَ أنس رضي الله عنه في السَّمْل، وقال:

« .. فصَحَّ ما قُلناه مِن أنَّ أولئك العُرنيِّين اجتمعت عليهم حقوق: منها المُحاربة، ومنها سملُهم أعين الرُّعاء، وقتلهم إيَّاهم، ومنها الرِّدة.

فوَجَب عليهم إقامةُ كلِّ ذلك، إذْ ليس شيءٌ مِن هذه الحدود أوجبَ بالإقامة عليهم مِن سائرها، ومَن أسقط بعضها لبعضٍ فقد أخطأ، وحَكَم بالباطل، وقال بلا برهان، وخالف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتَرَك أمرَ الله تعالى بالقَصاص في العدوان بما أمره به في المُحاربة.

فقَطَعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمُحاربة، وسمَلَهم للقَصاص، وتَرَكهم كذلك حتَّى ماتوا يستسقون فلا يُسقون حتَّى ماتوا، لأنَّهم كذلك قتلوا هم الرُّعاء، فارتفع الإشكال .. » (٣).


(١) أخرجه مسلم في (ك: القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب: حكم المحاربين والمرتدين، رقم: ١٦٧١).
(٢) الحَسْم: كيُّ العضو المقطوعة لينقطع الدَّم، انظر «النهاية» (١/ ٣٨٦).
(٣) «المحلى» (١٢/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>