للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القرطبي (١)، والسَّفَّاريني (٢)، ثمَّ أبو شهبة (٣)، والألبانيُّ (٤).

أمَّا غير هؤلاءِ مِمَّن استعظمَ رَدَّه وهو في «الصَّحيح المُسند»: فرَأوا الحديث صحيحَ السَّند، مَقبولَ المتنِ ولو على وجهٍ مِن التَّأويل، وعلى رأسِهم: مسلم بن الحجَّاج حيث أودَعَه «صحيحَه»، وابنُ حبَّانَ حيث خرَّجَه في «صحيحِه» (٥)، وتبعهما على هذا التَّصحيحِ له: الجورَقاني (٦)، وابنُ الصَّلاح، والنَّووي (٧)، وابن كثير الدِّمشقي (٨)، وخليل مُلَّا خاطر الشَّافعي (٩) مِن المعاصِرين.

مع اختلافِ هؤلاء في وجهِ التَّأويل الَّذي يُحمَل عليه الحديث، ممَّا أطالَ المقالةَ في تفصيلِه ابنُ القيِّم في كتابه البديع «جلاء الأفهام» بما لا أعلمُ أحدًا جرى على منوالِه فيه، وكان مَن بعده عَالةً عليه في ذلك (١٠)؛ حيث ذَكر جوابَ كلِّ طائفةٍ وما فيه مِن قَدحٍ، وانتهى إلى كونِ الحديثِ مَخلوطًا غيرَ محفوظٍ.

فلذا ارتأَيتُ سَوْقَ هذه الأوجهِ في تأويلِ الحديث، ثمَّ إتباعها بنقدِ ابن القيِّم لها، بعينِ النَّاقد لكلِّ ذلك، فأقول:

أمَّا القول الأوَّل: فوجهُ الحديثِ عند أربابِه: أنَّ أبا سفيانٍ إنَّما طَلَب مِن النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يُجدِّد له العَقْدَ على ابنتِه، ليَبْقى له وَجهٌ بين المسلمين.

قال بهذا الوجه من التَّأويلِ محمَّدُ بن طاهر المقدسيُّ في كتابه «الانتصار


(١) «المفهم» (٢١/ ٢٤).
(٢) «كشف اللثام» (٥/ ٢٦٨).
(٣) «دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين» (ص/١٨٦).
(٤) في تحقيقه لـ «مختصر صحيح مسلم» للمنذري (٢/ ٤٥٧).
(٥) في (ك: مناقب الصحابة رضي الله عنهم، ذكر أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه، رقم: ٧٢٠٩).
(٦) «الأباطيل والمناكير والصِّحاح والمشاهير» (١/ ٣٣٨).
(٧) كلام ابن الصَّلاح والنووي هو في «شرح النووي على مسلم» (١٦/ ٦٣).
(٨) انظر «البداية والنهاية» (٦/ ١٤٩)، و «الفصول في سيرة الرَّسول» له (ص/٢٤٨)،.
(٩) في كتابه «مكانة الصَّحيحين» (ص/٣٨٧).
(١٠) كالمقريزي في كتابه «إمتاع الأسماع»، وقد نقل عامَّة سردِ ابن القيِّم لأقوال المتأوِّلة للحديث وتفنيدِه لها، من غير أن يشير إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>