للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فَلِمَ أخرجَ مسلمٌ له في «صحيحِه» وهو مُتكلَّم في ضبطِه بهذا النَّحوِ، فضلًا عمَّا في متنِ حديثِه عن أبي سفيانَ مِن نكارةِ؟

قلنا في جوابِ ذلك:

إنَّ عكرمة لم يحتجَّ به مسلم في كتابه إلَّا يَسيرًا، إنَّما أكثرَ له مِن الشَّواهد (١)، ومِن عوائد مسلم في «صحيحِه»: أنَّه يُخرِج مِن روايةِ مَن تُكلِّمَ فيه ما لم يُنكِروه عليه، أو ما وَافقه الثِّقاتُ عليه، ممَّا يدلُّ على أنَّه حفِظِه له (٢).

فلَعَلَّ مسلمًا لم تَبِنْ له نَكارةُ المتن، ولم يقنَع بما قيل في ذلك، وما في المتنِ من إشكالٍ قد أقنَعَه في إزاحَته إحدى تلك التَّأويلات السَّابقةِ الَّتي سردتها في توجيه الحديث، ولعلَّه لم يبلُغه مع هذا عن أحَدٍ مِن الأئمَّةِ طَعْنٌ في الحديثِ بخصوصِه؛ هذا مع ما في ظاهرِ إسناده مِن نَوعِ قُوَّة.

فكان كلُّ هذا باعثًا له لترجيحِ كفَّة القَبول، آجرَه الله على اجتهادِه، والله تعالى أعلم.


(١) انظر «سير أعلام النبلاء» (٧/ ١٣٧).
(٢) انظر «شروط الأئمة الخمسة» للحازمي (ص/٦٩ - ٧٣)، و «شرح علل الترمذي» لابن رجب (٢/ ٨٣١ - ٨٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>