للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتادةُ (ت ١١٧ هـ) (١) الكوفةَ، فأرَدْنا أن نَأتيَه، فقيل لنا: إنَّه يُبغض عليًّا رضي الله عنه! فلم نَأتِه، ثمَّ قيل لنا بعدُ: إنَّه أبعدُ النَّاس مِن هذا! .. فأخَذنا عن رجلٍ عنه!» (٢).

ويغلبُ على مَن تَهوَّر في نبزِ العلماء بهذه التُّهمة أن يكون باعثه على ذلك: حَسدُ أقرانٍ (٣)، أو خصوماتٌ عَقديَّةٍ -وهذا الأكثر-؛ يعتقد المُخاصِم فيها ضَلالَ خَصْمه، ووجوبَ بُغضِه، فيُغْرِيه ذلك بتصديقِ ما يُقال فيه من شنيعِ الأوصاف مِن غير تثبُّتٍ، ولا مُراعاة لحقوقِ الأُخوَّة، وقد يفتري هو عليه ذلك ابتداءً (٤)؛ كما قد فعلته الرَّافضة قديمًا في حقِّ علماء السُّنة، حتَّى قتَلوا منهم فريقًا (٥)، ونَجَّى الله آخرين (٦).


(١) قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسى: من ثقات التابعين، قال أحمد ابن حنبل: «قتادة أحفظ أهل البصرة»، وكان مع علمه بالحديث، رأسا في العربية ومفردات اللغة وأيام العرب والنسب، وكان يرى القدر، انظر «سير النبلاء» (٥/ ٢٦٩).
(٢) «سير أعلام النبلاء» (٥/ ٢٧٢).
(٣) كما جرى لأبي حنيفة الاستراباذيِّ من أقرانه، انظر «الجواهر المضية» لابن نصر الله الحنفي (١/ ١٧٨).
(٤) «النصب والنواصب» لبدر العوَّاد (ص/٣٨٢ - ٣٨٣).
(٥) كما جرى لأبي العبَّاس المأمونيِّ الشَّاعر (ت ٣٨٣ هـ)، حين مدح الصَّاحب بن عبَّاد وأجزل له المَثوبة، حسده بعض جُلساءِ ابن عبَّاد، فوَشوا إليه بأنَّه ناصبيٌّ، انظر «سير النبلاء» (١٦/ ٥٠١).
(٦) مثل أبي بكر ابن أبي عاصم (ت ٢٨٧ هـ)، كما في «تاريخ دمشق» (٥/ ١٠٥)، وأبي العبَّاس النَّسوي (ت ٣٩٦ هـ)، كما في «تاريخ دمشق» (٥/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>