للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤيِّد هذا قول طَرَفة (ت ٦٠ ق. هـ) (١) في «ديوانه» (٢):

ثمَّ لا يخزنُ فينا لحمُها *** إنَّما يخزَنُ لحمُ المُدَّخر

ويقرِّر هذا المعنى الرَّاغب الأصبهانيُّ في قوله: «الخَزْنُ في اللَّحم أصله الادَّخار، فكُنِّي به عن نَتَنِه» (٣).

وكذا الزَّمخشري في قوله: «خَنز: هو قلب خَزَن: إذا أرْوَح وتغيَّر، وهو مِن الخَزن بمعنى الادِّخار، لأنَّه سبب تغيُّره» (٤).

فإذا كان لفظ «الخنز» بمعنى: الإنتانِ النَّاتجِ عن الادِّخار بخاصَّة، فإنَّ وروده في الحديث أشبه بالنَّص على صحَّة القولِ السَّابق لأهل العلمِ، وهو: سَبْقُ بني إسرائيل إلى تحزينِ اللُّحومِ وادِّخارِها حتَّى فسدت.

فلا وجه البتَّة بعد هذا الاعتبار اللُّغويِّ لِمن أنكر الحديثَ على المُحدثِّين.

وبأيِّ الأقوالِ الثَّلاثة أخذنا سلِم لنا الحديث مِن مُشاغباتِ المُحدَثين، وإن كان الأخيران أقواها، فالحمد لله ربِّ العالمين.


(١) طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد، أبو عمرو، البكري الوائلي، شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، كان هجاءًا غير فاحش القول، تفيض الحكمة على لسانه في أكثر شعره، ولد في بادية البحرين وتنقل في بقاع نجد، قتله الملك عمرو بن هند شابًا لقصيدة هجاه بها، انظر «الشعر والشعراء» لابن قتيبة (١/ ١٨٢)، و «جمهرة أشعار العرب» (ص/٨٩).
(٢) «ديوان طَرفة بن العبد» (ص/٤٤).
(٣) «المفردات» (ص/٢٨١).
(٤) «الفائق في غريب الحديث» (١/ ٣٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>