للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن لعلَّ المُعترضَ ينكر أنَّ النِّسيانَ يَعرِض للنِّساء أكثرَ مِن الرِّجال! وهذا إن دَلَّت عليه الآية الكريمة في البقرة، فإنَّا ننبِّهُه إلى أنَّ علماء الأعصابِ قد شهدوا أنَّ في ذاكرة المرأة ضَعفًا بالنسبةِ إلى ذاكرة الرَّجل، وأنَّها لا تستحضر الماضي كما يستحضره الرَّجل، هذا في الجملة.

يشهد بهذا البروفيسور (أُوتو فِينْجِر) الطَّبيب النَّمساوي، في كتابه المسمَّى «الجنس والأخلاق»، حيث أثبتَ أنَّ في ذاكرة المرأة ضعفًا مقارنةً بمثيلتها عند الرَّجل، فقال: «إنَّ التَّذكر هو التَّغلب على ما مضى مِن الزَّمن، واستحضاره في الذِّهن، ولا يمكن للمرأة -لأسبابٍ عضويَّة ونفسيَّة- السَّيطرةُ على هذه الموهبة؛ لأنَّ حياتها متقطِّعة، لا تذكر منها إلَّا اليسير؛ بخلاف الرَّجل، فإنه يمكنه تتبُّع سلسة حياته حلقةً فحلقة، ولا يغيب عنه جوهرها في أيِّ وقتٍ مِن الأوقات .. » (١).

بل زاد عليه آخرون بأن قرَّروا ضعفَ القُوَّة العاقلة لدى النِّساء مُقابل الرِّجال؛ والجيِّد في هذا أنَّ أبرز مَن أقرَّ منهم بهذا امرأة طبيبة! تُدعى (إليانور ماكُّوبي Eleanor maccoby)؛ وذلك في بحثٍ لها نشرته عُدَّ مِن أفضلِ ما قُدِّم في مجالِه في سِتِّينات القرن الميلاديِّ الماضي، أثبتت فيه تفوُّق الرِّجال على النِّساء في درجات الذَّكاء والمهارات العقليَّة، لاختلاف التَّركيبة الدِّماغية عند كلٍّ منهما، حتَّى صَرَّحت -بعد تجارب وملاحظات عديدة- بضعفِ الإنتاجِ النِّسوي والابتكار المفيد منهنَّ، أمامَ ما ينتجه الرِّجال في ميادين العلوم والأدب (٢)!

فلست أدري ما يقول المُعارض لهؤلاءِ المُتخصِّصين، وهو يدَّعي أنَّ النِّسيان مجرَّد عارضٍ لحالةٍ نفسيَّةٍ «لا علاقة له بالعقل على الإطلاق» (٣)!


(١) (ص/٩٤ ـ ١١٦)، والنَّص منقول مِن مقالٍ لمحمَّد الخضر حسين -شيخِ الأزهر- بعنوان «كتاب يلحد في آيات الله»، منشور في مجلَّة «نور الإسلام» (العدد الثامن، من المجلد الأول الصادر في شهر شعبان ١٣٤٩ هـ)، وهو في «موسوعة أعماله الكاملة» (١/ ٢/١٦٨)، نَقَد فيه كتاب «امرأتُنا في الشَّريعة والمجتمع» للطَّاهر حدَّاد.
(٢) انظر كتاب:
" Encyclopedia of women and geder" for judih worell (p/٥٥٢ - ٥٥٣).
(٣) «قراءة في منهج البخاري ومسلم في الصحيحين» للأدهمي (ص/١٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>