للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القلبِ للعلمِ بضبطِ العِقالِ للبَعير، فقال في الحديث المتَّفق عليه: «استذكروا القرآن، فلَهُو أشدُّ تفصِيًّا (١) مِن صدورِ الرِّجال مِن النَّعَم مِن عُقلِها» (٢).

وقال: «مَثَل القرآن مثل الإبل المُعقلَة، إن تعاهدها صاحبها أمسكَها، وإن أرسلها ذَهبت» (٣).

وفي الحديث الآخر: (أَعقِلُها وأتوكَّل أو أرسلها؟ فقال: بل اعقِلها وتوكَّل) (٤).

فالعقل، والإمساك، والضَّبط، والحفظ، ونحو ذلك، ضدُّ: الإرسال، والإطلاق، والإهمال، والتَّسيِيب، ونحوِ ذلك، وكلاهما يكون بالجسم الظَّاهر للجسم الظَّاهر، ويكون بالقلبِ الباطن للعلم الباطن، فهو ضبط العلمِ وإمساكه، وذلك مستلزم لاتِّباعه، فلهذا صار لفظ العقل يُطلق على العملِ بالعلم، كما قد بسطنا الكلام على مُسمَّى العقل وأنواعه في غير هذا الموضع» (٥).

هذا؛ وإنَّ وَصفَ النِّساء بنُقصانِ العقلِ على الوجه الَّذي شرحناه، إنَّما هو باعتبار الغالب، إذْ «الحكم على الكلِّ بشيءٍ، لا يستلزم الحكم على كلِّ فردٍ مِن أفراده بذلك الشَّيء» (٦).


(١) تفَصِّيًا: أي تفلُّتا وتخلُّصا، تقول: تفصَّيت كذا، أي أحطتُ بتفاصيله، والاسم الفَصَّة، «فتح الباري» لابن حجر (٩/ ٨١).
(٢) أخرجه البخاري في (ك: فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده، رقم: ٥٠٣٣)، ومسلم في (ك: الصلاة، باب: الأمر بتعهد القرآن، وكراهة قول نسيت آية كذا، وجواز قول أنسيتها، رقم: ٧٩٠).
(٣) أخرجه ابن ماجه في (ك: الأدب، باب: ثواب القرآن، رقم: ٨٧٣٨)، وأحمد في «المسند» (رقم: ٤٧٥٩، ٤٨٤٥) بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر.
(٤) أخرجه الترمذي في (ك: صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم: ٢٥١٧) وقال: «وهذا حديث غريب من حديث أنس لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عمرو بن أمية الضمري، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا»، والحديث حسَّنه الألباني في تخريجه لـ «مشكلة الفقر» (ص/٢٣)، والأرناؤوط في تخريجه لـ «صحيح ابن حبان» (٢/ ٥١٠).
(٥) «بغية المرتاد» لابن تيمية (ص/٢٤٩ - ٢٥٠).
(٦) «إرشاد السَّاري» للقسطلاني (١/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>