للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتشَبَّث بأهداب هذه التُّهمة آخرون، كصالح أبو بكر (١)، وزكريا أوزون (٢)، وغيرهما كثير.

المعارضة الثَّانية: أنَّ الحديث مُعارَضٌ بأحاديث أخرى هي أصَحُّ منه، تنقضُ ما فيه مِن أحكام، وهذا دلَّهم على اختلاقِه، وأبعدُ عن أن يكون قولَ النَّبي صلى الله عليه وسلم.

فأوَّل هذه الأحاديث: حديث عائشة رضي الله عنها: حيث ذُكر عندها ما يقطع الصَّلاة، فقالوا: يقطعُها الكلب والحمار والمرأة، قالت: «لقد جعلتمونا كِلابًا! -وفي رواية: شبَّهتمونا بالحُمر والكِلاب- لقد رأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يصلِّي، وإنِّي لبَينه وبين القِبلة، وأنا مضطجعةٌ على السَّرير، فتكون لي الحاجة، فأكره أن أستقبله، فأنسلُّ انسلالًا» (٣).

يقول (ابن قرناس): «هذا الحديث جاء برواياتٍ مُختلفةِ الصِّيغ، ولكنَّنا اخترنا هذه الرِّواية، لأنَّ فيها رَدًّا لأمِّ المؤمنين على قاصِّ الحديث .. مُؤكِّدةً أنَّ المرأة لا تقطع الصَّلاة، وأنَّ هذا الحديث لا يمكن أن يقوله رسول الله» (٤).

وبدعوى استنكارِ عائشة لهذا الخبر، تَشَبَّث المُعترِضون به حُجَّةً في إبطالِه (٥).

والحديث الثَّاني: حديث ابن عبَّاس رضي الله عنه: فقد صحَّ عنه قال: «أقبلتُ راكبًا على حمارٍ أَتَانٍ (٦)، وأنا يومئذٍ قد ناهزتُ الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّي بمنًى


(١) «الأضواء القرآنية» (ص/٥٣٨).
(٢) «جناية البخاري» (ص/١٢٢).
(٣) أخرجه البخاري في (ك: الصلاة، باب استقبال الرجل صاحبه أو غيره في صلاته وهو يصلي، رقم: ٥١١)، ومسلم في (ك: الصلاة، باب: الاعتراض بين يدي المصلي، رقم: ٥١٢).
(٤) «الحديث والقرآن» (ص/٣٦٨).
(٥) كسامر إسلامبولي في «تحرير العقل من النقل» (ص/٢٢٤)، ونضال عبد القادر في «هموم مسلم» (ص/١٧٢)، وزكريا أوزون في «جناية البخاري» (ص/١٢٢).
(٦) الأتان: الحمارة، والجمع آتُن، انظر «لسان العرب» (١٣/ ٦ ـ مادة: أ ت ن).

<<  <  ج: ص:  >  >>