للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مِن روايةِ حمَّاد بن أسامة عنه، وهو مِمَّن سَمِع منه بعد الاختلاط (١)، ولذا قال العُقيليُّ في مثل روايتِه هذه: «فيها لِين وضَعف» (٢).

وأمَّا ما نَقَله (محمَّد الغَزاليُّ) عن أحمد شاكر مِن استدلالٍ على نسخِ أحاديثِ القطعِ: بحديث صخر بن عبد الله بن حرملة، حين سمع عمر بن عبد العزيز يقول عن أنسٍ رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بالنَّاس، فمرَّ بين أيديهم حمار، فقال عياش بن أبي ربيعة: سبحان الله! .. وأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال آخرَه: «لا يقطعُ الصَّلاة شيء»:

فهذا الحديث لم يُصِب شاكرٌ في تصحيحِه! حيث انفردَ به صخر بن عبد الله المدلجي، لم يَروِ عنه إلَّا بكر بن مُضر، ولم يُوثَّق بتوثيقٍ مُعتَبر (٣)، فمثلُه لا يُحتجُّ به إذا انفرد، فناسبَ أن يقول ابن حجرٍ فيه: «مَقبول» (٤): أي حيث تُوبِع، ولم يُتابع هو على روايتِه هذه.

فضلًا عن أنَّ حديثَ هذا الرَّاوي مضطَرِبٌ في إسنادِه، وقد صَوَّب الدَّارقطنيُّ (٥) والإشبِيليُّ (٦) إرسالَه عن عمر بن عبد العزيز.

ومُحصَّل القول في هذه الأخبار النَّافية لقطعِ الصَّلاة، قولُ ابن عبد الهادي: «إنَّها كلَّها ضِعاف» (٧)، وقول ابن رجب بعده: «لا يثبتُ منها شيءٌ» (٨).

أمَّا القسم الثَّاني من العلماء -وهم الأغلَب-: فقد سَلكوا في أحاديث القطعِ مَسلكَ التَّأويل، مُستَنِدين إلى أنَّ «الأحاديثَ إذا تعارَضت، ووُجِدَ في


(١) «طرح التَّثريب» (٢/ ٣٨٩).
(٢) «الضُّعفاء» للعقيلي (٢/ ٧٥).
(٣) لم يذكره إلَّا ابن حبَّان في كتابه «الثقات» (٦/ ٧٤٣).
(٤) «التقريب» (رقم: ٢٩٠٧).
(٥) «العِلل» له (١٢/ ١١٦).
(٦) «الأحكام الوسطى» لعبد الحق الإشبيلي (١/ ٣٤٨).
(٧) «تنقيح التَّحقيق» لابن عبد الهادي (٢/ ٣١٩).
(٨) «فتح الباري» لابن رجب (٤/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>