للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فطالما أنْ لا ضرورةَ تقصُر سالمًا على اِلتقامِ الثَّديِ، والحالُ أنَّ بلوغَ لبَنِها إلى جوفِه كافٍ لتحقيقِ التَّحريم، فإنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم «لم يُرِد منها: ضَعِي ثديَكِ في فِيه، كما يُفعل بالأطفال، ولكن أرادَ: اِحْلِبي له مِن لبنِك شيئًا، ثمَّ ادفعيه إليه ليشربه؛ ليس يجوز غير هذا» (١).

وفي التَّأويل لهذا الحديثِ اعتبارٌ لـ «قاعدةِ تحريمِ الاطِّلاعِ على العَورة؛ فإنَّه لا يُختلف في أنَّ ثَدي الحُرَّة عورة، وأنَّه لا يجوز الاطِّلاع عليه، لا يُقال: يُمكِن أن يَرتضع ولا يطَّلِعَ؛ لأنَّا نقول أنَّ نفسَ التقامِ حَلَمَةَ الثَّدي بالفَمِ اطِّلاع، فلا يجوز» (٢).

فإلى هذا مَذهبُ جمهورِ الأئمَّة (٣)، بل نقلَ ابن عبد البرِّ الإجماعَ عليه (٤).

وبه تنمحي الإشكالات عن واقعةِ سهلة وسالم، بتَسْهيلٍ مِن الله وتسليمٍ.


(١) «تأويل مختلف الحديث» لابن قتيبة (ص/٤٣٥).
(٢) «المُفهم» (١٣/ ٤٢)، وانظر «الاستذكار» (٦/ ٢٥٥).
(٣) ولم يخالف إلَّا اللَّيث وأهل الظَّاهر، فقالوا: إنَّ الرضاعة المُحرِّمة إنَّما تكون بالتِقام الثَّدي ومصِّ اللَّبن منهِ، انظر «المحلَّى» (١٠/ ١٨٥ - ١٨٦).
(٤) في «الاستذكار» (٦/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>