وكما ذكرت جميعُ المصادر بلا اختلافٍ: أنَّها أكبر مِن عائشة بـ (١٠) سنوات، إذن يتأكَّد بذلك أنَّ سِنَّ عائشة كان (٤) سنوات مع بدء البعثة النَّبوية في مكَّة، .. ومُؤدَّى ذلك بحسبة بسيطةٍ: أنَّ الرَّسول عندما نكَحَها بمكَّةَ في العام العاشر مِن بدءِ البعثةِ كان عمرها (١٤) سنة، .. وأنَّه -كما ذُكِر- بنَى بها بعد أربعِ سنوات وبضعة أشهر، ... فيصبح عمرها آنذاك (١٤+٣+١= ١٨ سنةً كاملةً)! وهي السِّن الحقيقيَّة الَّتي تَزوَّج فيها النَّبي الكريم عائشة» (١).
المعارضة الثَّانية: أنَّ أبناء أبي بكر الصِّديق وُلِدوا في الجاهليَّة، كما ذَكره الطَّبري، وبهذا تكون عائشة وُلِدت قبل البِعثة، ويكون عُمْرها يزيد عند الهجرةِ على ثلاثةِ عشرَ عامًا ولا بدَّ.
يقرِّر هذه الشُّبهة (إسلام بحيري) بقوله: «إنَّ الطَّبَري يجزِمُ بيقينٍ في كتابه «تاريخ الأُمَم» بأنَّ كلَّ أولادِ أبي بكر قد وُلِدوا في الجاهليَّة، وذلك ما يَتَّفق مع الخطَّ الزَّمني الصَّحيح، ويكشف ضعفَ روايةِ البخاريِّ، لأنَّ عائشةَ بالفعلِ قد وُلِدت في العام الرَّابع قبل بدء البعثة النَّبويَّة».
المعارضة الثَّالثة: أنَّ عائشة رضي الله عنها تذْكُر أنَّها لم تَعقِل أبَوِيْها إلَّا وهُما يَدينان الدِّين، وذلك قبل هجرةِ الحبشةِ كما ذَكَرت، وأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كان يَزورهم في بيتِهم بُكرةً وعشيًّا، وهذا يُبَيِّن أنَّها كانت وقتَها عاقلةً لتلك الزِّيارات! والهجرةُ إلى الحبشة كانت في العام الخامس مِن البِعثة.
فلو كانت عائشة وُلِدَت العام الرَّابع مِن البعثة -كما عند البخاريِّ- لكانت لا تزال رضيعةً وقتَ الهجرة الحبشيَّة، ولما قدِرَت أن تَعقِل أبَوَيها على الدِّين، ولا زياراتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم لهم.
يقول البِحيري: «بالحسابِ الزَّمنيِّ الصَّحيح، تكون عائشة في هذا الوقت تبلغ (٤ سنوات قبل البعثة + ٥ سنوات قبل الهجرة الحبشة) = ٩ سنوات، وهو العمر الحقيقيُّ لها آنذاك».
(١) من مقاله «زواج النَّبي من عائشة وهي بنت تسع سنين كذبة كبيرة في كتب الحديث» المنشور بجريدة «اليوم السابع» المصريَّة الإلكترونيَّة، بتاريخ (١٦ أكتوبر ٢٠٠٨ م)، وكلُّ ما أورده من كلام البحيري من هذا المصدر.