للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعارضة الرَّابعة: أنَّ خولة بنت حكيم عَرَضت على النَّبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاةِ خديجة الزَّواج مِن عائشة أو سَودة رضي الله عنهنَّ (١)، وما كانت خولة لتعرِضَ عائشةَ عليه إلَّا على سَبيل جاهزيَّتِها للزَّواج.

وفي تقريرِ هذا الاعتراض، يقول (عبَّاس العقَّاد): «إنَّ السَّيدة خَولة اقترَحتها على النَّبي صلى الله عليه وسلم وهي في السِّنِ المناسبةِ للزَّواجِ، على أقربِ التَّقديرات إلى القَبول، إذْ لا يُعقَل أنَّها تُشفِق عليه مِن حالِ الوحدةِ الَّتي دَعَتْها إلى اقتراحِ الزَّواجِ على النَّبي صلى الله عليه وسلم، وهي تُريد له أن يَبْقى في تلك الحالةِ أربعَ سنواتٍ أو خمس سنواتٍ أخرى!» (٢).

المعارضة الخامسة: أنَّ المُطعم بن عدي قد سَبَق إلى خطبةِ عائشةَ لابنِه جُبير، ولن تكون هذه الخطبة بينهما إلَّا قبل إسلام أبي بكر، إذ يَبعُد انعقادُها مع افتراق الدِّينين، ممَّا يدلُّ على أنَّ ميلادَ عائشة كان قبل الإسلام.

يقول العقَّاد: «إنَّ السَّيدة عائشة كانت مَخطوبةً قبل خطبتها إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم، وإنَّ خطبةَ النَّبي كانت في نحوِ السَّنة العاشرة للدَّعوة، فإمَّا أن تكون قد خُطِبت لجبير بن مطعم: لأنَّها بَلَغت سِنَّ الخطبة، وهي قرابة التَّاسعة أو العاشرة، وبعيدٌ جدًّا أن تنعقد الخطبة على هذا التَّقدير مع افتراق الدِّين بين الأسرتين، وإمَّا أن تكون قد وُعِدَت لخطيبِها وهي وَليدة صغيرة، كما يَتَّفق أحيانًا بين الأُسَر المتآلفة، وحينئذٍ يكون أبو بكر مسلمًا عند ذلك، ويُستَبْعَد جدًّا أن يَعِدَ بها فَتًى على دينِ الجاهليَّة قبل أن تتَّفق الأُسرتان على الإسلام، فإذا كان أبو بكر رضي الله عنه قد وَعَد بها ذلك الوَعد قبل إسلامِه، فمعنى ذلك أنَّها وُلِدَت قبل الدَّعوة! وكانت تُناهز العاشرةَ يومَ جَرى حديثُ زواجها وخطبتِها للنَّبي صلى الله عليه وسلم» (٣).


(١) أخرجه أحمد في «المسند» (رقم: ٢٥٧٦٩)، قال مخرِّجوه (٤٢/ ٥٠٤): «إسناده حسن، من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة بن وقاص، وقد روى له البخاري مقرونا، ومسلم متابعة، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى، وهو ابن عبد الرحمن بن حاطب، فمن رجال مسلم، وهو ثقة».
(٢) «الصديقة بنت الصديق» (ص/٤٩).
(٣) «الصديقة بنت الصديق» (ص/٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>