للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد تَزوَّج عبد المطلَّب الشَّيخُ مِن هالة الزُّهريَّة بنت عمِّ آمنة في اليوم الَّذي تَزوَّج فيه عبد الله أصغر أبنائِه مِن تِرْبِ هالة (آمنةِ بنت وهب)، وسيَتزوَّج عمر بن الخطَّاب مِن بنتِ علي بن أبي طالب وهو في سِنٍّ فوق سِنِّ أبيها، ويَعرِضُ عمر على أبي بكر أن يتزوَّج ابنته الشَّابة حفصة، وبينهما مِن فارقِ السِّن مثل الَّذي بين الرَّسول وعائشة ..

لكنَّ نَفرًا مِن المُستشرقين يَأتون بعد بضعةِ عشر قرنًا مِن ذلك الزَّواج، فيهدِرون فروقَ العصرِ والبيئة، ويَقيسون بعَيْنِ الهوى زواجًا عُقِد في مكَّة قبل الهجرة، بما يحدُث اليومَ في الغرب، حيث لا تَتَزوَّج الفتاة عادةً قبل سِنِّ الخامسة والعشرين، وهي سِنٌّ تُعتَبر حتَّى وقتِنا هذا جِدُّ متأخرةٍ في الجزيرة العَربيَّة، بل في الرِّيفِ والبوادي مِن المشرق والمغرب» (١).

وبعد؛

فها قد أَذَبْنا جليدَ الوَهمِ القابعِ في أذهانِ بعضِ المُتأفِّفَةِ مِن زواجِ الصَّغيرات، ليحين الشُّروع في تفصيلِ الرَّدِ على أفرادِ الشُّبهات المُسلَّطةِ على سِنِّ زواجِ عائشة رضي الله عنها، فنقول:

أمَّا دعوى المُعترض في شُبهتِه الأولى: من أنَّ عُمْرَ عائشة رضي الله عنها مع البِعثة كان أربعَ سنوات، باعتبارها أصغرَ مِن أختها أسماء بعشرٍ، وكان عمر هذه مع البعثة أربعة عشر، ومُؤدَّى ذلك أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم حين عقد على عائشة في السَّنة العاشرة من البعثة، كانت بنتَ أربع عشرة سنة .. إلخ.

فجواب ذلك أن يُقال:

إنَّ حِسْبَته هذه قائمةٌ على أساسِ أنَّ الفرقَ العُمْرِيَّ بين عائشة وأختِها أسماء هو عشر سنين؛ وبعد تفحصِّنا لهذه المعلومة، وجدناها لا تَستند إلَّا إلى روايةٍ


(١) «تراجم سيدات بيت النبوة» (ص/٢٥٦ - ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>