وتَفهُّمًا لجليلِ مَعانيه، واستخراجًا لثمين كُنوزِه، ليُغبَطوا بخَتْمِه كلَّ عامٍ في شهر رمضان المُبارك، فلَنِعْمَ البِدعةُ هذه!
ثالثًا: بَدا للباحثِ أنَّ هناك مسائل ما زالت تفتقرُ إلى إغناءٍ وتحريرٍ، منها:
١ - دراسة العيوب المَنهجيَّة الَّتي يقع فيها المُخالفون لنهجِ أهل السُّنة في نقدِهم للسُّنة، والَّتي يشترك في أكثرِها هؤلاء المُعاصرون الَّذين فوَّقوا سِهام طعونِهم إلى «الصَّحيحين»، كـ: التَّحيُّز في انتزاع النَّتائج من المسلَّمات الأوليَّة، والتَّعميم الفاسد، والانتقائيَّة في اختيار المصادر، وإهمال الأدلَّة المعارضة، .. إلخ؛ فإنَّ بيان الخلل في أصل منهجِهم في استقاء المَعلومات وتراتُبيِّة المُقدِّمات ثمَّ استصدار الأحكامِ، كفيلٌ بإبطالِ مُخرجاتِه، وإظهارِهم على حقيقتِهم بأنَّهم من أبعدِ النَّاس عن المنهجيَّة المنطقيَّة والمَوضوعيَّة في النَّقد.
٢ - تجرُّؤ التيَّارات المنحرفة المُعاصرة على إنكارِ الأخبار النَّبويَّة المُتلقَّاة بالقَبول، أو تحريفهم لدلالاتِ النُّصوص الشَّرعيَّة عمومًا، مَنشأه عدم اعتدادِهم بعصمةِ الإجماع، ونفيُهم لما يدلُّ عليه من النُّصوص، أو إنكارهم لوجوده رأسًا، وتفانيهم في الإيمان بنسبيَّة الحقيقة، وكثيرًا ما يَصمون المُعتصمين بهذه العُروة الوُثقى بأنَّهم عُبَّادٌ للسَّلَف! وغرضهم كسرُ هذا المِعيارِ الَّذي به تُضبَط العمليَّة النَّقديَّة أو الاستدلاليَّة في الأمَّة.
فأوْلى بهذا المَوضوع أن يُستقصى مِن كُتب هؤلاء المُخالِفين المُعاصِرين، وتُستقرَأ شُبهاتهم فيه وأغراضُهم مِن إثارته، فهو مُرتَكزٌ منهجيٌّ أصيل يستبيحون به حِمى النُّصوص.
٣ - الاجتهاد في تبيان مَدى العُلقة التَّاريخيَّة الوثيقةِ بين «الصَّحيحين» وأهل بلدٍ إسلاميٍّ ما، واحتفاء علماءه والعامَّة بهما عبر الأعصُر إلى اليوم، فيأخذُ أحد الباحثين بسردِ التَّاريخ التَّفصيليِّ لقصَّة البخاريِّ مع المغاربةِ -مثلًا- منذ دخولِه الأوَّل، إلى احتفاء السَّلاطين والعلماء به، وتَبرُّك العامَّة به إلى وقتٍ قريبٍ جدًّا، لبيان الوَشيجة التَّاريخيَّة الوطيدة بين هذا الشَّعب وبين تُراثِه السُّنيِّ، ثمَّ دراسة أسباب ضعفِ هذه العلاقةِ في هذه العقودِ الأخيرة، وما الغاية منها.