للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما روى البخاريُّ للحُسين بن عليٍّ رضي الله عنه حديثين عن أبيه (١)، ومُسلمٍ روى من هذا أربعة أحاديث (٢).

ومِن عظيمِ إجلالِ أئمَّة الحديثِ لهؤلاءِ الرُّواةِ من أهل البيتِ بهذا الإسناد، أن جعلَ بعضُهم سندَ: الزُّهريِّ، عن علي بن الحُسين، عن الحُسين رضي الله عنه، عن عليٍّ عليه السلام: أصحَّ الأسانيد الذَّهبيَّة عند أهل السُّنة (٣).

فكيف يُقال بعد هذا أنَّ البخاريَّ مُعادٍ لرُواةِ أهل البيت؟!

واتِّهام الإماميَّةِ البخاريَّ بالطَّعنِ في جعفرٍ الصَّادقِ رضي الله عنه لتركِه حديثَه:

فمَحضُ افتراءٍ عليه، إذ كان البخاريُّ أتقى لله وأعقلَ مِن أن يتَّخِذ مِثلَ هذا الإمام الشَّريفِ خصمًا له بين يدي ربِّه تعالى، وتَتَبيَّن براءتُه مِن الطَّعنِ فيه مِن وَجهين:

الأوَّل: أنَّ مُجرَّد خلوِّ أسانيدِ البخاريِّ في «الصَّحيح» مِن أحدِ الرُّواةِ لا يعني طعنًا منه فيه البتَّة، فإنَّه لم يَشترِط أصلًا استيعابَ جميعِ الثِّقاتِ في كتابِه، وقد تَركَ البخاريُّ الرِّواية عن عددٍ مِمَّن يُحسَب مِن أكابِر الثِّقاتِ.

فإنَّك لن ترى في كتابِه روايةً مُسنَدةً عن سُهيل بن أبي صالح (ت ١٤٠ هـ) (٤)، ولا عن حمَّاد بن سَلَمة (ت ١٦٧ هـ) (٥)، ولا عن محمَّد بن رُمح (ت ٢٤٢ هـ) (٦)، ولا عن أبي داود الطَّيالِسي (ت ٢٠٤ هـ)، بل ولا عن الشَّافعيِّ مع جَلالتِه!

وهذا أحمد بن حنبل وهو إمام الحديثِ وشيخُه، لم يذكره البخاري في كتابِه إلَّا مرَّتين، لم يُسند عنه فيهما إلَّا حديثًا واحدًا (٧).


(١) في (ك: الجمعة، رقم: ١١٢٧)، وفي (ك: فرض الخُمس، رقم: ٣٠٩١).
(٢) انظر «تحفة الأشراف» (٧/ ٣٦١).
(٣) انظر «معرفة علوم الحديث» للحاكم (ص/٥٣)، و «مقدمة ابن الصَّلاح» (ص/١٦).
(٤) «سؤالات السُّلمي للدراقطني» (ص/١٨٣).
(٥) «تهذيب التهذيب» (٣/ ١٣).
(٦) «سير النُّبلاء» (١١/ ٤٩٩).
(٧) في (ك: المغازي، باب: كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم، رقم: ٤٤٧٣)، وفي (ك: النكاح، باب ما يحل من النساء وما يحرم، رقم: ٥١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>