أنَّا لا نُثبِتُ للَّنبي صلى الله عليه وسلم فِعلًا تَضمَّن صِفةً، أو نَنفي عنه ذلك، إلَّا بدليلٍ مِن كتابٍ أو أَثَرٍ صحيحٍ؛ وإلَّا فتَخيُّرنا الكَمالاتِ له على مَزاجِنا مُطلقًا أمرٌ لا ينضبِطُ، والآخذون بهذا المنهج، واقعون -لا مَحالةَ- في وَرطةٍ مع آي الكتاب، مع مثلِ قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}[التحريم: ١]، وقولِه تعالى:{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ}[الأحزاب: ٣٧]!
فالأعلى قدرًا للنَّبي صلى الله عليه وسلم، أن نَضَعه في المنزلةِ الَّتي وَضَعه فيها ربُّنا تبارك وتعالى، مِن غير إفراطٍ يرفعُه عن بشَريَّتِه، ولا تفريطٍ يُخرجه عن نُبوَّتِه.
ومع ما وقع فيه المؤلِّف من خطايا منهجيَّة ومغالطات علميَّة كثيرة، إلَّا أنَّ كتابه قد اشتمل على جملةِ لا يُستهان بها مِن شُبهاتٍ مُغلَّفة بغشاءِ الاستشكالِ العلميِّ البَريء، تقتضي الوقوفَ عندها بحزمٍ وقوَّة، لبيان زيفِ دعاويها لمن يقع عليها، كي لا تلبِّس على طلَاّب الحقائق الشَّرعية، ناهيك عن عوامِّ المسلمين.