للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا غرابةَ أن تصدُر هذه الجهالةُ مِن مثلِه بمرتبةِ إمامينِ جليليْن من أئمَّة الحديث كالبخاريِّ ومُسلم، فهو الَّذي صَيَّرَ مالكَ بنَ أنس ووهبَ بنَ مُنبِّه مِن مَشايخِ البخاريِّ في الحديثِ! (١) وقد وُلد البخاريُّ بعد موتِهما بسنواتٍ.

وأمَّا الفصل الثَّالث: فنقَل فيه (النَّجميُّ) كلامَ بعض العلماء في الثَّناءِ على «الصَّحيحين»، مُتندِّرًا في ذلك ببعضِ الرُّؤى الَّتي نُقِلت في فضائلِ البخاريِّ، وهذا مِمَّا يراه المؤلِّف غلوًّا وتَنطُّعًا، مع علمِه أنَّ المُترْجِمين للبخاريِّ إنَّما حكوا مثلَ هذه الرُّؤى استئناسًا واستبشارًا، لا احتجاجًا.

وكان مِن قبيحِ جَهالاتِ المؤلِّف المنبئةِ عن ضحالةِ علمِه وسوءِ طويَّتِه:

نِسبتُه لأهلِ السُّنة تسميَّتَهم للكُتبِ السِّتة بـ (الصِّحاح)، لكونِ «جميع ما وَرَد فيها مِن الأحاديث والرِّوايات -سواء مِن وجهةِ نظرِ مُؤلِّفيها، أو مِن وجهةِ نظرِ علماءِ أهلِ السُّنة- صحيحةً ومُطابقةً للواقع، وأنَّهم يَعتقدون بأنَّ كلَّ ما جاء في هذه الصِّحاح السِّتة، ونُسِب إلى الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فإنَّه قد خرج مِن بين شَفَتي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم» (٢).

فلَيْتَه قدِر أن ينقل هذا الهُراءَ عن أحَدٍ مِن علماء السُّنةِ، حتَّى ننظُر في وجهِ كلامِه؛ وكلُّ حَديثيٍّ عندنا مُبتدئٍ يعلمُ أنَّ أربابَ السُّنَن الأربعةِ لم يشترطوا الصِّحة في ما ساقوه مِن أخبارَ في مُصنَّفاتهم، وإنَّما أطلق عليها بعض العلماء تلك التِّسمية لأنَّ أغلب ما فيها صحيح أو مَقبول، ومن ركائز الفقهاء في الاحتجاج.

وأمَّا الفصل الرَّابع من كتابِه: فساقَ فيه ما رآه أدلَّة على ضَعفِ «الصَّحيحين» وسُقمِهما، منها دعواه ضعفُ أسانيدِها، فينقلُ فيه عن ابن حَجرٍ «أنَّ الحفَّاظَ وعلماءَ فنِّ الرجالِ، ذكروا أنَّ ضعفاءَ رُواتِهما يبلغُ الثَّلاثمائة شخصٍ» (٣).


(١) انظر «أضواء على الصحيحين» (ص/١١١).
(٢) انظر «أضواء على الصحيحين» (ص/٧٣ - ٧٤).
(٣) انظر «أضواء على الصحيحين» (ص/٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>