للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا عامل أغلبَ أحاديث «الصَّحيحين»، كلُّ حديثٍ فيهما لم يستوعِبه ألحَقَه في الحال بالإسرائيليَّات!

ولمَّا أرادَ أن يُدلِّل على شُبهتِه في إسرائيليَّة المَنقول، وبعد نسفِه لجهودِ البخاريِّ في جمع الصِّحاحِ مِن الحديث، فاجأَ القارئَ بمعلومةٍ خطيرةٍ لم ينتبه لها إلَّا حضْرَتُه! عنونَ لها بعنوانٍ لافتٍ يقول فيه: «اعتراف صريحٌ من البخاريِّ بوضع الحديث»! (١).

وليسَ أحدٌ مِن طلبةِ الحديثِ فضلًا عن أئمَّتِهم يجهل أنَّ الوضعَ واقِعٌ في كثيرٍ مِن الأحاديث، فما الجديد في هذا العنوان؟! لكن الغَباوة أن يُحتجَّ بهذا البعضِ فيُحكَم به على الكلِّ.

مثلُ هذا الجهل المنهجيِّ في الاستدلالِ، أدَّى بالمؤلِّف إلى جملةٍ مِن التَّناقضات العلميَّة، من ذلك:

أنَّه في الوقت الَّذي يَدَّعي فيه ترجيحَ مسلمٍ لكذبِ عكرمة مولى ابن عباسٍ، يزعمُ أنَّ مسلمًا خرَّج له حديثًا لأجلِ أن يُقويَّ به حديثًا رواه سعيد بن جبير في المَوضوعِ نفسه (٢)!

ومتى كانت رواية الكَذَّاب عاضدةً لغيرِها أصلًا؟! فضلًا عن تقويتها لرواية إمامٍ ثبتٍ كسعيد بن جبير؟!

ثمَّ هو لفرط جهله بطبيعة المرويَّات، يرى أن الاختلافَ في رواية بعض ألفاظِ الأحاديث المُتعلِّقة بالموضوعِ الواحدِ: دالٌّ على الوضعِ والدَّس، هكذا ضربة لازبٍ! ومثَّلَ لذلك بأمثلة، منها -مثلًا- ما أجاب به علي رضي الله عنه من سألَه: هل عنده كتابٌ غير القرآن؟ فورد عنه عباراتٌ مختلفةٍ في ثمانِ روايات، ساقَها البخاريُّ في كُتبٍ مختلفةٍ مِن «صحيحه».


(١) «الأضواء القرآنية» (ص/٤٨).
(٢) «الأضواء القرآنية» (ص/٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>