للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففهِم هو من هذا الاختلاف في العباراتِ تناقضًا مُسقطًا لأصل الخبرِ! الأمر الَّذي لم يفطِن له البخاريُّ نفسه، ولا أحدٌ مِن العلماء قبله وبعده!

وقد غفل المسكين عن أنَّ عليًا رضي الله عنه قد سئُل مِن غير واحدٍ مِن التَّابعين، ثمَّ قد غَبِيَ عن أنَّ الجمعَ يَسيرٌ بين هذه الرِّواياتِ، فإنَّ الصَّحيفة كانت واحدةً، وجميعُ ما ذُكر فيها مَكتوبٌ فيها حقًّا، فكان كلُّ واحدٍ مِن الرُّواة ينقل عنه ما حفِظَه (١).

وأمَّا تفسيرات الرَّجلِ لاختياراتِ البخاريِّ في كتابِه، فهو يهرف فيها بأيٍّ كلامٍ، فمِن ذلك:

اتِّهامه اصطفاءَ البخاريِّ للمتونِ بالانحيازِ إلى السُّلطةِ الحاكمةِ، وذلك أنَّه فَسَّر عدمَ روايتِه في «صحيحه» عن الأئمَّة الصَّادق والكاظم مِن آل البيت، بكونِه في ذلك متأثِّرًا بحكمِ الأمويِّين للشَّام (٢)!

ومعلومٌ بداهةً أنَّ البخاريَّ عاشَ في العصرِ العَباسيِّ لا الأمويِّ، وهو بعكس ذلك عصرٌ يعادي بني أميَّة، ويقرب مُبغضيهم! (٣) مع العلم أنَّ البخاريَّ قد خرَّج حقًّا لغيرهم مِن أئمَّة آل البيتِ، كما سبق به البَيان.

وستأتي أمثلةٌ كثيرة لمُعارضاتِه المُهترئةِ لأحاديثِ «الصَّحيحين»، في بابِها المُناسب من الباب الثَّالث من هذا البحث، والله من وراء القصد.


(١) انظر «فتح الباري» لابن حجر (١/ ٢٠٥)، ولهذه الرِّوايات أوجه أخرى للجمع ليس هذا موطن بسطها، انظرها في «مرويات السيرة» لـ د. أكرم العمري (ص/٣٩).
(٢) «الأضواء القرآنية» (ص/٧٧).
(٣) انظر «مرويات السيرة» لـ د. أكرم العمري (ص/٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>