للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلماذا هذا التَّحاشي من نقدِ «الصَّحيحين» -في نظره-؟ أفلا عاملوا الكلَّ مُعاملةً واحدةَ؟!

يقول نيازي: «لا يَهمُّنا السَّندُ، طالما تَبيَّن لنا أنَّ المتنَ ليس مِن الله، ولا يُطابق كلامَ الله، وما أحاديثُ الإمامين البخاريِّ ومسلم -رحمهما الله- في هذا المَقام، إلَّا كأحاديث أخرى اعتَرفَ العلماء بأنَّها مَوضوعة، دون أن تكون لهم الجرأةُ الكافيةُ لقولِ الحقِّ» (١).

ولتَعجَبْ معي مَرَّةً أخرى -وما أكثرَ عجائب الرَّجل- مِن إقحامِ (نيازي) قُرَّائه في عالمٍ مِن الإثارة النَّفسيَّة الغَريبة، على نَمط كُتَّاب الرِّوايات البُوليسيَّة! فلقد هَمَس في آذانهم باكتشافِه سِرًّا محوريًّا خطيرًا عن سببِ إيرادِ البخاريِّ لتلك الأحاديث المَوضوعةِ كلِّها في كتابِه، مع ظهورِ بُطلانها للعالَم كلِّهِ! يقول:

«إنَّ للبخاريِّ رسالةً سِريَّةً، يحاول أن يُنبِّهنا إلى ما يحدُث في الدِّين .. » (٢)، إنَّه «لم يكُن مُوافقًا على كلِّ ما يُقال عن الرَّسول صلى الله عليه وسلم مِن أحاديث غير صحيحةٍ، ولكنَّه مِن خشيةِ السَّيافِ، كان لا يجرؤُ على الإجهارِ بها عَلَنًا! فوَضَعَها في كتابِه «الصَّحيح»، حتَّى يلمَحَها كلُّ مُؤمنٍ غَيورٍ على دينه» (٣).

ولله في خلقِه شؤون!

ولأجل أن يكون كلام الرَّجل عَمليًّا، لا مُجرَّد عتابٍ عاطفيٍّ، اقتَرَح على العلماءِ مَشروعًا مِعياريًّا لإنقاذِ الأمَّة ممَّا أُلزق بدينِها مِن أكاذيبِ أسلافِهم، متسائلًا بصيغة الاستنكار: «لماذا لا يجتمع علماء المسلمين، ليدرسوا أحاديث البخاريِّ ومسلم مِن جديدٍ، ويَعرضوها على آياتِ الله في القرآن الكريم؟!» (٤).


(١) «دين السلطان» (ص/٧١٥).
(٢) «دين السلطان» (ص/٣٠٩).
(٣) «دين السلطان» (ص/٤٤٦).
(٤) «دين السلطان» (ص/٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>