للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والكِتاب -في الجملة- أوهى بناءً وأضعف منطقًا مِن محاولةِ مَن يطعنُ في أحاديث «الصَّحيحين» وهو مُؤمنٌ بالسُّنةِ في الجملة، ككتابِ (إسماعيل الكرديِّ)، دون أن يفهَمَ منهجَ المُحدِّثين في التَّصحيحِ والتَّضعيف، ولا كيفيَّة الخروجِ مِن التَّعارضِ الظَّاهري (١).

لقد مَهَّد المؤلِّف لهذا الكتاب بعدَّة مُقدِّمات مبعثرةٍ، عامَّتها إنشائيٌّ، مرتكز على استثارة العاطفةِ (٢)، لا يكاد يُحيل إلى أحدٍ مِن علماءِ الشَّريعةِ قديمِهم أو مُحدَثِهم، ولكن يحيل القارئ إلَّا إلى إصداراته الأخرى فقط.

فمِن تلك الأصولِ الَّتي أفاضَ القولَ فيها في مُقدِّماتِه تلك: تقريرُه سبقَ العقلِ لـ «النَّقل، فالنَّقل نِتاجٌ لتفاعلِ العقلِ مع الواقع، ممَّا يؤكِّد هيمنةَ العقل، وسيادته على النَّقل» (٣).

وقد توجَّه في الكتاب بالسُّخطِ على سَلَف الأمَّة جمعاء، وأسقطَ ما انفردوا به من جُهدٍ في حفظ تراث نبيِّهم عن سائر الأُمَمِ، فقال: «علمُ مصطلح الحديثِ كذبةٌ وخدعةٌ كبيرةٌ، فهو ليس علمًا أصلًا! سواء تعلَّق ذلك بالسَّند والمتن، فالنَّتيجة واحدة: الضَّياع للمسلمين! وعندما جعل المسلمون مادَّةَ الحديث النَّبوي وحيًا ومصدرًا تشريعيًا، أُصيبوا بالتَّخلُّف والانحطاطِ، وابتعدوا عن المنهجِ الرَّبانيِّ المتمثِّل بالقرآن» (٤).


(١) «مرويات السيرة» لأكرم العمري (ص/٤١).
(٢) وهذا في رأيي ما جعل نوعًا من الإقبال على مؤلَّفاته من بعض حُدثاء الأسنان، ممَّن لم تتشرَّب قلوبهم أصول الكتاب والسُّنة، وتمثيلًا لأسلوبه هذا: قوله -بعد أن قدَّم شبهاتٍ ينفي بها حجيَّة السُّنة- مخاطبًا فيها قرَّاءه: «لقد ذكرتُ لك ما ذكرتُ، حتَّى تعلم الغَثَّ من السَّمين، وتميَّز من يضع السُّم في العسل، وحتَّى لا تتأثَّر بعد قراءتك لهذا البحث بدعايتهم وضجيجهم .. واتِّهامهم لمن يحبُّ الله ورسوله، ويأمر بالالتزام بما أنزل الله، ويتمسَّك بالوحي القرآني -الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه- بأنَّهم قوم قرآنيون ينكرون الحديث، ولا يحبُّون النَّبي العظيم صلى الله عليه وسلم .. ويهوِّلون الأمر على النَّاس، ويحرِّكون مشاعرَهم، ويمنعونهم من العلم والدِّراسة والتَّفكير»، اهـ مِن مقاله «القرآن من الهجر إلى التفعيل» المنشور بموقع «أهل القرآن» بتاريخ ٢٢ يناير ٢٠٠٧ م.
(٣) «تحرير العقل من النقل» (ص/٧).
(٤) من حديث صحفي معه منشور في «موقع أهل القرآن».

<<  <  ج: ص:  >  >>