هذه الرَّزيَّة أشدَّ فتنةً وأكثرَ ضَررًا على أهلِ الحقِّ، وأعْوَنَ للمُبطلين على التَّمسُّكِ بباطِلهم!
فلطالَما رأيتُ مِن أهلِ السُّنةِ مَن يتَعنَّى هذا النَّوعَ مِن الجِهادِ العِلميِّ، ثمَّ تراه يُمَكِّن لأهلِ الباطلِ ويُحرِّضُ على التَّنفيرِ مِن أهلِ الحقِّ، مِن حيث أرادَ الحقَّ ونُصرةَ أهلِه! وهذا حالُ كلِّ مَن يدخُل غِمارَ مَعركةٍ لا يُحسِنُ نِزالَها، يَصِير فيها سيفُه نكالًا على المُسلمين! وهذه من البصائر الَّتي أُلهِمها الغزاليُّ (ت ٥٠٥ هـ) في قوله: «ضرر الشَّرع مِمَّن ينصره لا بطريقه، أكثر من ضرره مِمَّن يطعن فيه بطريقه!»(١).
فكان لا بُدَّ للمُحامِي عن السُّنَنِ، الذَّابِ عن حِماها، أن يستحضرَ كونَه كالمجاهدِ في سبيلِ الله تعالى؛ فيُعِدَّ للجِهادِ ما اسْتطاعَ مِن الآلَاتِ، وَالْقُوَّة، والخُطَطِ المُحكمَةِ كي ينتصِر، امتثالًا لأمر ربِّه:{وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}[الأنفال: ٦٠].
فاللهَ أسألُ أن يُوفِّقني في بحثِي هذا لحُسْنِ النِّزالِ، ويَعقُب لي فيه حُسنَ المآل، إنَّه جوادٌ كريمٌ مُتَعالٍ.