مَواضيع الطُّعونِ على أحاديث «الصَّحيحين»؛ منهم مَن أخذَ -مثلًا- الأحاديث المُتعلِّقة بالجِّن، ومَن أخذَ المُتعلِّقة بالمرأة، ومن أخذَ المُتعلِّقة بأسباب النُّزول (١)، ومَن أخذ المُتعلِّقة بالعلوم الطَّبيعيَّة، وهكذا.
فكانت -في مُجملِها- جيَّدة من حيث المادَّة العلميَّة، مُتوسِّطة المُستوى مِن حيث التَّحقيق والتَّحرير تكتنفُها بعض العيوب الَّتي ذكرتها على البحثِ الأوَّل آنفًا.
ثمَّ صَدر جمعٌ مطبوعٌ لبحوث «مؤتمر الانتصار للصَّحيحين» الَّذي أقيم بعاصمة الأردن سنة ٢٠١٠ م جزاهم الله خيرًا، خليطٌ بين الجيِّد والمُتوسِّط، لم يستوعب كثيرًا من مفاصل هذا الموضوع، بحكم طبيعة المؤتمرات وضِيق وقتِ عُروضِها.
فكانت الحاجةُ باقيةً إلى دراسةٍ جامعةٍ تُحقِّق قدْرًا مِن دراسة أهمِّ ما يكتنِف موضوعَ متونِ «الصَّحيحين» مِن مُشكلاتٍ مُتنوِّعاتٍ مُعاصرات، حتَّى تُدحَضَ أتَمَّ دحضٍ وأنسبَه وأشمَله، لتكون مَرجعًا يستجيرُ به القارئ من رمضاءِ الشُّبهات على السُّنة.
وبعدُ:
فلم أزل على بالٍ مُنذ خمَّرتُ فكرةَ البحثِ في ذِهني قبل أن أُقدِّمه مشروعًا واضحَ المَعالِم لجامِعَتي «ابن طُفيل» بالقُنيطرة -نفع الله بها-: أنَّ الزَّلَل إذا وقَع في ما تَقصَّدتُه مِن دفعِ هذه المُعارضاتِ المُناكِفةِ لـ «لصَّحيحين»، تكون فتنتُه على النُّفوسِ المَريضةِ أو الجاهلةِ، أشَدَّ مِمَّا لو تركتُ تجشُّمَ ذلك بالمرَّة، فرَكنتُ إلى السَّلامةِ.
ذلك أنَّ الإضرارَ بالحقِّ لا ينحصر في نَشرِ الباطلِ فحسب، ولكنْ بعَرضِ الحقِّ في صورةٍ ضعيفةٍ ناقصةٍ في أدلَّتِها، هزيلةٍ في أسلوبِها، وما أكثرَ أن تكون
(١) وهذا البحث طُبع قريبًا -بعد تقديمي لرسالتي هذه- بدار المُقتبس اللُّبنانية، أواخر سنة ٢٠١٨ م، بعنوان: «طعون المعاصرين في أحاديث الصَّحيحين الخاصَّة بأسباب النُّزول والتفسير بدعوى مخالفة القرآن» للباحث: علي صالح مصطفى.