للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا المُتأثِّرون بالحضارةِ الغربيَّة مِن أبناء المدارِس الشَّرعيَّة، فكان مَبدأ تأثيرها مِن مِصر، حيث ظلَّت هذه النَّزعة التَّوفيقيَّة بين أصول الشَّريعة والقوانين الغربيَّة سائدة في فئة مِن الشَّرعيِّين، كـ (علي يوسف البَلصفوي) (١)، و (جمال الدِّين الأفغانيِّ)، وبصورة أوضحَ عند (عليِّ عبد الرَّازق) (٢) في كتابِه «الإسلام وأصول الحكم» المَنشورِ بُعيْدَ سقوطِ الخلافةِ العُثمانيَّة، حيث مهَّدَ لقَبولِ العَلمانيَّة في أنظمة الحكمِ الإسلاميَّة.

وبغضِّ النَّظر عن المُؤلِّف الحَقيقيِّ لهذا الكتابِ الأخير (٣)، أو صحَّة تَراجُعِه عنه أُخرَياتِ حياتِه من عدمه (٤)، فقد استمرَّ بعد إخراجه للنَّاس عشرين سنةً يُحاضِر طلبةَ الدُّكتوراه بجامعة القاهرة، وتخرَّج على أفكارِ الكتابِ فِئامٌ مِن أصحابِ القَرار وأربابِ الكِتابة.


(١) علي بن أحمد بن يوسف البلصفوري الحسيني (١٨٦٣ - ١٩١٣ م): كاتب، مِن أكابر رجال الصحافة في الديار المصرية، تعلم في الأزهر، ثم أصدر يوميَّة «المؤيد»، سنة ١٣٠٧ هـ، فكان لها شأن في سياسة مصر والشرق والإسلام، حتَّى عرَّفه بعض الكتَّاب بشيخ الصحافة الإسلامية في عصره، انظر «الأعلام» للزركلي (٤/ ٢٦٢).
(٢) علي بن حسن بن أحمد عَبْد الرازق (١٨٨٨ - ١٩٦٦ م): باحث من أعضاء مجمع اللغة العربية بمصر، تعلم بالأزهر، ثم بأكسفورد، سُحبت منه شهادة الأزهر بسبب كتابه «الإسلام وأصول الحكم»، وانصرف الى المحاماة، وانتخب عضوا في مجلس النواب، فمجلس الشيوخ، وعُين وزيرًا للأوقاف، انظر «الأعلام» (٤/ ٢٧٦).
(٣) نَقل د. عصام تليمة في برنامجٍ له أسماه «مفكرون من مصر» بثَّته قناة (فور شباب) سنة ٢٠١٥ م، مُشافهةً عن الشَّيخ أحمد حسن مُسلَّم، رئيسِ لجنة الفتوى بالأزهر سنة ١٩٩٢ م، أنَّ عليِّ عبد الرَّازق صرَّح له بأنَّه ليس هو من ألَّف الكتاب، بل أستاذه طه حسين!
(٤) كذا نقله عنه محمد الغزالي في كتابه «الحقُّ المرُّ» (ج ٤/ص ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>