للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا سرقته الخرقاء: والَّتي لم يُحسِن هو سَترَها، فتلك في مُقدِّماتِه التَّأصيليَّةِ الأربعِ لموضوع كتابِه، والَّتي ادَّعى أنَّها مِن وَحيِ اجتهادِه، لا تعدو في واقع الأمر أن تكونَ نسخًا لمِا قَدَّم به (إسماعيل الكرديُّ) كتابَه «نحو تفعيل نقد متن الحديث النَّبويِّ»! مع بعض اختصار (١).

فالرَّجل مُكثرٌ مِن استنساخ ما في هذا الكتاب وتقليد صاحبه فيه حذوَ الحرفِ بالحرفِ من غير إحالة إليه! ومَن قابَلَ بين مُقدِّمتي الكِتابين تبيَّن له أوسع ممَّا أعنيه.

وبعد هذه المُقدِّمات المَنهوبات من كتاب (الكرديِّ)، شَرَع (البنَّا) في مقصودِ كتابِه بسردِ ما يعتقده مُنكرًا مِن متونِ «الصَّحيحين»، حيث بَلَغت عدَّتُها عنده ستمائةٍ وثلاثةً وخمسين (٦٥٣) حديثًا! مُرتِّبًا لها تحت أربعة عشر بابًا، مُعنوِنًا لها بما يَدلُّ على المعنى العامِّ الَّذي لأجله جُرِّدت مِن لَبوس النُّبوَّة.

فكان أوَّل هذه الأواب: «أحاديث الغيب»، ثمَّ «الإسرائيليَّات» (٢)، و «أحاديث تمسُّ ذات الله تعالى» (٣)، و «أحاديث تفسِّر القرآن» (٤)، وأخرى «تحدِّد أسباب نزولها» (٥)، و «أحاديث في نسخ القرآن»، و «أحاديث تتضمَّن أحكامًا


(١) وهو يكثر النَّقل عن كتابه حذوَ الحرفِ بالحرفِ دون عزوٍ، بل تراه يستنسخ نفس النُّقول على نفس ترتيب الكرديِّ في مقدِّمته! ومن قابل بين مقدِّمتي الكتابين تبيَّن له أوسعَ ممَّا أعنيه.
(٢) قد أورد تحت هذا الباب ما يَدلُّ على جهله بمن هم بنو إسرائيل، منها نسبته (ص/١٧٧) إبراهيم عليه السلام إليهم، وإنَّما هو أصلهم وليس منهم، ثمَّ ذكره (ص/١٩١) لحديث مَجيء اليهود إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم حين ذكروا له أنَّ رجلًا منهم زنا بامرأة .. إلخ، وهذه واقعة في زَمن النَّبي صلى الله عليه وسلم، لا من أقوال بني إسرائيل السَّابقين.
(٣) قصد به إسقاط أحاديث الصِّفات بدعوى التَّجسيم، في الوقت الَّذي سعى في تأويل مثيلاتها من آيات الصِّفات في القرآن وحملها على المجاز، انظر مثال هذا في كتابه (ص/١٩٤).
(٤) حيث يرى (ص/١٩٨) أنَّ القرآن لا يحتاج إلى تفسير، وأنَّه يفسرُّ بعضه بعضًا، لكنَّه نقض هذا في الصفحة نفسها، حين اعترف بأنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قد فسَّر بعض الآيات للصَّحابة!
(٥) علَّل رفضه لهذه الأحاديث في (ص/٢٠٧) بقوله: «لأنَّ القرآن لا يصدر الأحكام لأسباب خاصَّة»، وهذا لا شكَّ قول يُناقض القرآن نفسه، لأنَّ فيه آيات بيِّناتٍ في نزولها على أقوامٍ بأعيانهم، كزيد بن حارثة رضي الله عنه في الآية ٣٧ من سورة الأحزاب، وأبي لهب في سورة المَسد، وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>