الأولى: مَن يُنكر الوحيَ الإلهيَّ بالكليَّة، وهم غُلاة العَلمانيَّة، حيث يَرون أنَّ أيَّ مخطَّطٍ للحياة الإنسانية، يجب أن يصدر عن عقل الإنسان، فقط بعيدًا عن الدِّين. الثانية: لا تُنكر قداسة الوحي صراحةً، وتظهر احترامَه في الظَّاهر، لكنَّها تُفرِّغه مِن مَضمونه وتُلغي تطبيقه، كما عند عابد الجابريِّ، وعبد الله العروي، وسعيد العشماويِّ، وأضرابِهم. الثالثة: وهم العقلانيُّون الإسلاميون، وهو مَوضوع الدِّراسة في هذا المَبحث. انظر «العصرانيون بين مزاعم التجديد وميادين التغريب» لمحمد الناصر (ص/١٧٦ - ١٧٧)، و «منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير» لـ د. فهد الرومي (ص/٧٠). (٢) محمد بن صفدر جمال الدين الأفغانيُّ: فيلسوف الفكر الإسلاميِّ في عصره، واسع الاطِّلاع على العلوم القديمة والحديثة، وُلد في أسعد آباد بأفغانستان، ونشأ بكابُل، وتلقَّى العلوم العقليَّة والنَّقلية فيها، وبَرَع في الرِّياضيات، ثمَّ انتظم في سلك رجال الحكومة في عهد (دوست محمَّد خان). ثمَّ رَحل مارا بالهند ومصر، إلى الآستانة (سنة ١٢٨٥) فجُعل فيها من أعضاء مجلس المَعارف، ونُفي منها (سنةَ ١٢٨٨ م)، فقَصَد مصر، لينفُخ فيها همَّه للنَّهضة الإصلاحيَّة، دينًا وسياسةً، وتتلمذ له نابغةُ مصر وقتَها (محمَّد عبده) وكثيرون. ثمَّ نفته الحكومة المصرية (سنة ١٢٩٦ م) فهاجر إلى حيدر آباد، ثم إلى باريس، فأنشأ فيها مع تلميذه عبده جريدةَ (العُروة الوُثقى)، ورَحَل رحلات طويلة؛ من مؤلَّفاته: «تاريخ الأفغان» و «رسالة الرَّد على الدَّهريِّين»، ترجمها إلى العربيَّة تلميذُه محمد عبده، انظر «الأعلام» للزركلي (٦/ ١٦٨).