للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرُج وأنا فيكم، فأنا حَجيجُه، وإنْ يخرُجْ بعدي، فالله خَليفتي عليكم» (١)، وما أشبه ذلك مِن الأخبار .. الدالَّةِ على أنَّه صلى الله عليه وسلم لم يكُن عنده علِمُ أوقاتِ شيءٍ منه بمَقادير السِّنين والأيَّام، وأنَّ الله -جلَّ ثناؤه- إنَّما عَرَّفه مجيئَه بأشراطِه، ووقتَه بأدلَّتِه» (٢).

ومحصَّل القول:

أنَّ هذه الأشراطَ إنَّما تدلُّ على قُربِ السَّاعة، لا على تحقُّقِ العلمِ بوقوعِها، «فالسَّاعةُ كالحامِلِ المُتِمِّ؛ لا يدري أهلُها متى تَفجؤُهم بولادتِها، ليلًا أو نهارًا» (٣)، وعِلَّة ذلك: انتفاءُ العلمِ بالمُدَّة الزَّمنية بين تلك الأَشراطِ وبين وقوعِ السَّاعة، وبهذا يكون الأمرُ نقيضَ ما ذَكَره رشيدٌ؛ بأنْ يكون العِلمُ بهذه الأشراط باعثًا على العَملِ، مُوقِظًا مِن الغفلة، زاجِرًا عن التَّمادي في المعاصي.

وهل قَطَّع قلوبَ الصَّالحين، وأذابَ أكبادَهم، كمثلِ تَذكُّر تلك الأهوال العِظام، وما فيها مِن فِتَنٍ تفزعُ منها القلوب (٤)؟!

فهذا مثال واحدٌ لبابٍ مِن الحديثِ ردَّه (رشيدٌ) بعامَّةٍ وهو في «الصَّحيحين»، وقد علمنا ضعف مأخذه في ذلك.

أمَّا الأحاديثُ الَّتي رَدَّها بالتَّفصيلِ وهي في أحدِ «الصَّحيحين» فهي مُحصاة عندي في التَّالي:

١ - حديث «إذا سَقَط الذُّباب في إناءِ أحدِكم .. » (٥).


(١) أخرجه مسلم في (ك: الفتن وأَشراط السَّاعة، باب: ذكر الدَّجَّال وصفة ما معه، رقم: ٢٩٣٧).
(٢) «جامع البيان» (١/ ٦٨).
(٣) جزء من حديث ورد مرفوعًا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، أخرجه أحمد في «المسند» (رقم: ٣٥٥٦)، والحاكم في «المستدرك» (٢/ ٤١٦) وصحَّحه، وضعَّفه الألباني في «السلسلة الضعيفة» (٩/ ٣٠٧).
(٤) «دفع دعوى المُعارض العقليِّ» (ص/٤٢٤)، وانظر لمزيد تفصيلٍ في ردِّ مُعارضاتِ المعاصرين لأحاديثِ الأشراط في «موقف المدرسة العقلية الحديثة مِن الحديث النبوي» لـ د. شفيق شقير (ص/٢٨٣ - ٣٥٢).
(٥) «المنار» (١٨/ ٤٣٣) (١٩/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>