للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقرُب منها، وربَّما كان هذا مُنطبِقًا على كثيرٍ مِن أحاديثِ «الصَّحيحين»، لكن لا يُمكن تعميمُه على جميعِها.

فيتَّضِحُ ممَّا سَبَق، أنَّ الحديث يُعرَض على مَعايِير نقدِ المتنِ، حتَّى ولو كان صحيحَ السَّند، بل الحديثُ الصَّحيح الآحاديُّ ليس مَقطوعًا بصحَّتِه سواء أكان في الصَّحيحين أو غيرهما» (١).

فهذا -كما تَرَى- تسويغٌ (للغَزاليِّ) وجهَ مخالفته لبعض ما أخرجه الشَّيخان في «الصَّحِيحين»، فإنَّ آحادها في أصلِها لا تعدو كونَها عنده ظَنِّية، والأصلُ في الظَّنيِّ إذا عارضَ قطعيًّا أنْ يُطَّرح.

فلذلك نجده حين يُستنكَر عليه رَدَّ شيءٍ في «الصَّحيحين»، يجيب بقوله: «أريدُ أن أقرِّرَ حقيقةً إسلاميَّة ربَّما جِهَلَها البعضُ: هل رَفضُ حديثِ آحادٍ -لملحَظٍ ما- يُعَدُّ صَدْعًا في بناءِ الإسلام؟ ..

كلَّا! فإنَّ سُنَن الآحادِ عندنا تُفيد الظَّنَّ العِلميَّ» (٢)، وبالتَّالي «لو نَقَّينا هذا العَدَدَ مِن بِضعِ أحاديث قليلةٍ، ماذا سيجرِي؟! سواء كان هذا في البخاريِّ أو مسلم!» (٣).

وسيأتي نَقضُ هذا الأصلِ الَّذي ابتنى عليه الغزاليُّ تعليلاتِه لبعضِ أخبارِ «الصَّحيحين»، عند دراسة المُسوِّغ الثَّاني من الباب الثَّالث -إن شاء الله-.


(١) «تراثنا الفكري في ميزان العقل والشرع» (ص/١٧٤)
(٢) «قذائف الحق» (ص/١٤٨).
(٣) جريدة «المسلمون» العدد (٢٧٦) ٢٩ شوال ١٤١٠ هـ (ص/١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>