للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باجتزاء نصوصِها حسب ما يخدِم أفكارَه، غاضًّا طَرفَه عن توجيهِ العلماء لها، سالِكًا فيها طريقةَ تحريفٍ للنُّصوص خدَّاعة.

وقد قسَّم (الكرديُّ) كتابَه هذا إلى ثمانية فصول:

استفتحَها بذكرِ مُقدِّماتٍ حوَتها فصولُه الثَّلاثة الأولى، دندنَ فيها حول نفيِ التَّلازم بين صِحَّة أسانيد «الصَّحيحين» وصِحَّة متونِها، ونفيِ الإجماع على صحَّة أحاديثهما (١)، مُعلِنًا أنَّهما قد حَوَيا من الأحاديث ما لا «يجبُ أن نَتردَّد في ردِّه، لِما في متونها مِن نكارةٍ مخالفةِ للقرآن، أو للعلم، أو للعقل، أو للتَّاريخ، أو لطبائع الأمور، وإن كانت مُخرَّجة في أصحِّ الكُتب، أو مِن أصحِّ الأسانيد» (٢)!

وأمَّا الفصول الثَّلاثة الأخيرة المُتبقيَّة: فهي لبُّ كتابه، خَصَّصها لسردِ قواعد النَّقدِ المُتعلقَّة بالمتون، وكيف يُسقِط تطبيقُها الاعتدادَ بجملةٍ كبيرةٍ مِن الصِّحاح، مثَّل لهذه القواعد بـ (أربعةٍ وسبعين) حديثًا مَعلولةَ المتن في «الصَّحيحين» (٣)، كان أغلب ما تطرَّق له مِن ذلك -خاصَّةً في الفصلِ الخامسِ- ما وَصفَه بـ «الأحاديث الَّتي تشتمل على معاني التَّجسيمِ للذَّاتِ الإلهيَّةِ، ويُمنَع حملُها على المَجاز» (٤)؛ مع تأبِّيه عن سَوق دفوعات العلماء لهذه الإشكالات.

فمِن أمثلةِ أحاديثِ الغَيبِ المُنكرَةِ عند (الكُرديِّ) متنًا:

ما اتُّفِق على صحَّته مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنهم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اختصَمَت الجنَّة والنَّار إلى ربِّهما، فقالت الجنَّة: يا ربِّ، ما لها لا يدخلها إلَّا ضعفاء النَّاس وسَقطهم؟ وقالت النَّار: أُوثرت بالمتكبِّرين، فقال الله تعالى للجنَّة: أنتِ رحمتي، وقال للنَّار: أنت عذابي أصيب بك من أشاء، ولكلِّ واحدةٍ منكما مِلؤها .. » (٥).


(١) انظر «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/٤٧ - ٩٠)، وقد أكثر جمال البنا من النقل عن هذه المقدمة في مقدمة كتابه «تجريد البخاري ومسلم» (ص/١٦) وما بعدها دون عزو إليه!
(٢) انظر التَّمهيد الثَّالث من كتابه «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/١٦٥ - ٢٤١).
(٣) «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/٨٨ - ٢٠٥).
(٤) انظر هذه القواعد في «نحو تفعيل قواعد نقد متن الحديث» (ص/١٦٥).
(٥) أخرجه البخاري في (ك: التوحيد، باب ما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}، رقم: ٧٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>