للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا رأيتَني أتَكَلَّمُ في عِلمِ الإسنادِ أحيانًا، واقتَحمتُ مَهامِه هذه الصَّنعةِ في بحثي هذا: فلِأجلِ ما يُحقِّقه مِن غَرَضِنا في تثبيتِ المتونِ، وبيانِ زَيفِ تعذُّرِ المُعترضِ عليها بوَهاءِ إسنادِها، فإنَّهم ينصبون هذه الدَّعوى لِئلَّا يستوحش النَّاظر مِن طعنهم في الحديث، وتكذيبهم له.

وأمَّا «الصَّحيحان»: فقد أشرتُ في المُقدِّمة إلى أنَّ المَعْنِيَّ بهما كتاب محمَّد بن إسماعيل البخاريِّ (ت ٢٥٦ هـ): «الجامعِ المُسندِ الصَّحيحِ المُختصر من أمورِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسُنَنِه وأيَّامه»، المُسمَّى اختصارًا بـ «صحيح البخاريِّ»، وكذا كتاب مُسلمِ بن الحجَّاج (ت ٢٦١ هـ) «المُسند الصَّحيح» المَشهور بـ «صحيح مسلم».

وكنتُ بيَّنتُ هناك سبَبَ اقتصاري عليهما دون غيرِهما مِن دواوين الحديث، بما أغنى عن إعادتِه.

وأمَّا توصيفي لهذا البحث بأنَّه «دراسة نقديَّة»:

فأمَّا النَّقد في اللُّغة: فيُقال: نَقَدْتُ الدَّراهم وانْتَقَدْتُها، إذا مَيَّزتُ جَيِّدَها مِن رَدِيئِها (١)؛ وعلى هذا المَعنى جَرَى عَمَلي في هذا البحث، بحيث أنِّي أدرسُ الأصولَ والأقوالَ المُعاصرةَ القاضِيةَ على متونِ أحاديث «الصَّحيحين» بالإبطال، فأُبينُ عن الجَيِّدِ المَقبولِ منها على أصولِ أهل العلمِ ومَناهجِهم القويمةِ، وأُفرِزُ الزَّائفَ الواهِيَ منها بدَليلِه.

فليس البحثُ قائمًا على مُجرَّدِ دفعِ المُعارضات عن المَرويَّاتِ مطلقًا، بل إنِّي أُقِرُّ بعضها إذا بانَت لي وجاهتها، وإن كان ذا قليلًا في هذا البحث.

وبالله التَّوفيق.


(١) انظر «مقاييس اللغة» لابن فارس (٥/ ٤٦٧)، و «تاج العروس» للزبيدي (٩/ ٢٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>