للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّاحةِ الفكريَّةِ، فإنَّها إن أسقطت في أيديهم، عَلِموا أنَّ ما دونَها في الشُّهرةِ والتَّأثيرِ أوْلى بالسُّقوطِ.

فعلى هذا الأساس تَمَّ اختيار الأحاديث المُعارضَة من قِبَل المُعاصرين في هذا البحث، ومُهِّدَ لها بنقدِ أصولِ المُعترِضين عليها.

وأمَّا قولي: «لأحاديثِ الصَّحيحين»:

فالأحاديث: جَمعُ حَديثٍ، وهو اسمٌ مِن التَّحديث، بمعنى: الإخبار، وجَمْعُه ذاكَ على خِلاف القِياس (١).

وأمَّا في الاصطلاح: «فهو عندَ الإطلاق يَنصرِفُ إلى ما حُدِّثَ به عن النَّبي صلى الله عليه وسلم بعد النُّبوة، مِن قولِه وفعلِه وإقرارِه؛ فإنَّ سُنَّتَه ثَبَتَت مِن هذه الوجوهِ الثَّلاثة» (٢).

وبذا يظهرُ مَقصودي بالأحاديثِ: أنَّها المتونُ نفسُها الَّتي وَرَدَت عبر سَلاسِل الإسناد، فإنَّه غالبًا إذا قيل: المُعارَضات أو الإشكالات على الحديث، فالمَقصود بهذا التَّركيبِ: متنُه؛ فضلًا عن كون أسانيد «الصَّحيحين» ورجالهما، قد كَفانا أسلافُنا الكلامَ في ذلك تمحيصًا وتنقيدًا، كما ترى تجلِّياتِ ذلك في ما كَتَبه ابنُ الصَّلاحِ في كتابِه «صيانة صحيح مسلم»، وابنُ حَجرٍ في مُقَدِّمة شَرْحِه للبُخاريِّ «هُدَى السَّاري»، وكتابِه «تغليق التَّعليق» (٣).

والَّذي أعنيه من هذه الأحاديث في الصَّحيحين تحديدًا: ما كان منها مرفوعًا مُسندًا على شرط الشَّيخين؛ فأمَّا المعلَّقات أو المُرسلات أو البلاغات أو المَوقوفات ونحوها مِمَّا هو خارج عن موضوع الكتابين وليس على شرط الشَّيخين في الصِّحة، فلستُ أعنى بدراستها.


(١) «الكُليَّات» للكفوي (ص/٣٧٠).
(٢) «مجموع الفتاوى» لابن تيميَّة (١٨/ ٦ - ٧).
(٣) ومِن المُعاصِرين مَن أَدْلى بدَلْوٍ مشكورٍ في ذلك، كما تَراه في الجُهدِ الطِّيب الَّذي بذَلَه مُصطفى بَاحُو في كتابِه «الأحاديث المُنتقَدة في الصَّحيحين».

<<  <  ج: ص:  >  >>