للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمَن خان قَتَلوه؟ ثمَّ هَبْ أنَّ ذلك أمرٌ واقع بينها، فمِن أين عَلِم عمرو بن مَيمون أنَّ رجم القِردة إنمَّا كان لأنَّها زَنَت؟!» (١).

وإن كانَ الألبانيُّ قد أحالَ إلى صيغةٍ مُفصِّلةٍ أخرى لهذه الرِّواية، تُبعد في رأيِه النَّكارةَ الظَّاهرةَ عنها، سيأتي ذكرُها في مَوضِعها قريبًا إن شاء الله.

فهذا عن المِثال الأوَّل الَّذي ساقه (جولدزيهر) للدَّلالة على الإقحامِ في «البخاريِّ».

وأمَّا مثاله الثَّاني لذلك:

فحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه يَرفعه: «إنَّ آلَ أبي ( ... ) ليسوا لي بأولياء»، الَّذي أخرجه البخاريُّ في «صحيحِه» بقوله:

حدَّثنا عمرو بن عبَّاس، حدَّثنا محمد بن جعفر، حدَّثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، أنَّ عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: سمعتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم جهارًا غير سِرٍّ يقول: «إنَّ آل أبي -قال عمرو: في كتاب محمَّد بن جعفر: بَياضٌ- ليسوا بأوليائِي، إنَّما وَليِّي الله وصالحُ المؤمنين».

ومحلُّ الشَّاهد عنده قولُ عمرو بن عبَّاس شيخِ البخاريِّ: «في كتابِ محمَّد بن جعفر: بياض».

لقد حَمَّل (جُولدْزيهر) هذه الجملة المُعترضة طودًا مِن التَّفسيراتِ الهزيلةِ، من ذلك قوله: «يميلُ النُّسَّاخ المُتحيِّزون في عدم اهتمامهم بقضايا السُّلالة والنَّسبِ، إلى رغبتهم في تركِ الأسماء، وشيخُ البخاريِّ قال عندما وَصَل إلى الكلمةِ النَّاقصةِ في نَصِّ محمَّد بن جعفر ما نصُّه: (يوجد بَياض)، وقد زَوَّد البخاريُّ هذه الكلمات -كلماتِ شيخِه- في نصِّه، ولكنَّ المُفسِّر للحديث فَهِم هذا كما لو أنَّ كلمةَ (بَياض) تأتي بعد (أبي)! وبذلك يجعلُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يَلعنُ عائلةَ أبي بَياضٍ» (٢)!

وسيأتي الجواب عن هذه الدَّعاوي بأمثلتها في مطالب قريبة لاحقة.


(١) «مختصر صحيح الإمام البخاري» للألباني (٢/ ٥٣٥).
(٢) «دراسات محمدية» (ص/٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>