للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في السَّند، مُفضِّلًا ذلك على نقد المتن، صارَ كلُّ حديثٍ مَقبولَ الشَّكلِ قطعيًّا بحكمِ الطَّبع» (١).

فهذه الدِّراساتُ الغربيَّةُ بما أفرزته من نتائج حُكميَّة على عمل المحدِّثين، قد تبنَّتها شرائح واسعة مِن مُثقَّفين إسلاميِّين وغير إسلاميِّين، تراها منتثرةً في كتاباتِ مثل (أحمد أمين)، و (علي عبد الرَّازق) (٢)، و (محمود أبو ريَّة) (٣)؛ وكان (رشيد رضا) في مقدِّمة هؤلاء المتأثِّرين في هذا الباب بسموم الاستشراق، وعليه يُثني (محمَّد حمزة) أحدُ حَداثيِّي تونس بقوله: «محمَّد رشيد رضا كان بحقٍّ مِن أوائِل المُفكِّرين في بداية هذا القرن الَّذين نَبَّهوا إلى ما اعترى منهجَ المُحدِّثين القُدامى مِن خللٍ، حين رَكَّزوا نقدَهم على السَّندِ دون المتن» (٤).

إلى أن جاء الحَدَاثِيُّون ليحتسبوا الجُهدَ في تَعْريبِ تلك الدِّراساتِ الاستشراقيَّة في هذا موضوعه السُّنة والحديث، ثمَّ الاستعانةِ بها للتَّشكيكِ بمَصادر التَّلقي عند أهل السُّنةِ بصفةٍ خاصَّة (٥).


(١) Guillaume، Alfred: The Traditions of Islam، P. ٥٥ نقلًا عن «موقف الاستشراق من السنة والسيرة النبوية» لأكرم العمري (ص/٧٤).
(٢) علي بن حسن بن أحمد عبد الرَّازق: باحث من أعضاء مجمع اللغة العربية بمصر، ولد بإحدى أعمال المنيا بمصر، وتعلم بالأزهر، ثم بجامعة أكسفورد، وأصدر كتابه المثير للجدل «الإسلام وأصول الحكم» سنة ١٩٢٥ م، توفي سنة (١٣٨٦ هـ)، انظر «الأعلام» للزركلي (٤/ ٢٧٦).
(٣) انظر أثر تلك الأطروحات الاستشراقية في السُّنة على هؤلاء الكُّتاب وغيرهم في «المستشرقون والحديث النبوي» (ص/٢٧٢ - ٢٨٠) لـ د. محمد بهاء الدِّين.
(٤) «الحديث النبوي» (ص/٢١١).
(٥) فلا يُسأَل بعدُ عن فرحةِ الشِّيعة الإماميَّة بهذه الطُّعونِ، وهي بأقلامِ مَن يُحسبُ في ظاهرِه على أهل السُّنةِ، والاستشهادِ بها في طَيَّات ردودِهم على علماءِ السُّنة، كما تراه - مثلًا - في كتاب «أبو هريرة» لعبد الحسين الموسوي (ص/٣٩ - ٥١)، و «معالم المدرستين» لمرتضى العسكري (١/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>