للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فظهر بهذا أنَّ المشكلة مع هؤلاءِ المُزَمِّرينَ للنَّقدِ الباطنيِّ: أنَّهم ألبسُوا المتنَ حُلَّة (الشَّرطيَّة)، وهي على غير قياسِه، ولا هي مِن شأنِه! إنَّما هي حُلَّة الإسنادِ، تَكالبوا على خَلْعِها عنه غصْبًا، فلا المتنُ قَبِلَ التَّحلِّي بها إذْ لم تُوائِمه، ولا هم تَركوها بعدُ لمُستحِقِّها الطَّبيعيِّ!

وما هو إلَّا الهوى يُعمي ويصمُّ، وفي أمثالِهم يقول مصطفى السِّباعي:

«فتحُ البابِ في نقدِ المتنِ بناءً على حكمِ العقلِ الَّذي لا نَعرِفُ له ضابطًا، والسَّيرُ في ذلك بخُطىً واسعةٍ على حَسبِ رأيِ النَّاقد وهواه، أو اشتباهه النَّاشئ في الغالبِ عن قلَّةِ اطِّلاع، أو قصر نَظَرٍ، أو غفلةٍ عن حقائق أخرى؛ إنَّ فتح البابِ على مِصراعيه لمثلِ هؤلاء النَّاقدين يُؤدِّي إلى فوضى لا يَعلَمُ إلَّا الله مُنتهاها، وإلى أن تكون السُنَّة الصَّحيحة غير مُستقِرَّة البُنيان، ولا ثابتة الدَّعائم؛ ففُلان يَنفي هذا الحديث، وفلانٌ يُثبِته، وفلانٌ يَتوقَّف فيه، كلُّ ذلك لأنَّ عقولهم كانت مختلفةً في الحُكْمِ والرَّأي والثَّقافة والعُمق، فكيف يجوز هذا؟!» (١).


(١) «السُّنة ومكانتها في التشريع الإسلامي» (ص/٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>