للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَجيب؛ أنَّ اكتشاف الإسنادِ آليَّةً لافتِحاصِ الأخبارِ واختبارَ رُواتِها لاختيارِ الأخْيَار، هذا الرِّزق الَّذي خُصَّت به الأُمَّة وحُقَّ الفَخرُ به على سائرِ الأُمَم، وَدَّ مِن الغَرْبِيِّين مَن لو أُورِثوا مثل هذا الكنزَ من أسلافِهم، فدوَّنوا بها تواريخَهم وسِيَر أنبيائهم، إذن لفاخَرُوا به حَضاراتِ الدُّنيا أجمعِها؛ في الوقت الَّذي طُمِسَت فيه عيونُ بعضِ أبناءِ الإسلامِ عن تلمُّحِ حسناتِه!

فبِحقٍّ قال المُستشرقِ (مَرْجِيلْيُوث)، يُعلِنها في لحظةِ إنصافٍ لخصومِه: «مع أنَّ نظريةَ الإسنادِ قد أوجبَت الكثيرَ مِن المتاعب، نظرًا لما يَتَطلَّبَه من البَحثِ في ثقةِ كلِّ راوٍ، ولأنَّ وضعَ الأحاديثِ كان أمرًا مَعهودًا، وجرَى التَّسامح معه بسهولةٍ أحيانًا، إلَّا أنَّ قيمَتَها في تحقيقِ الدِّقةِ لا يُمكن الشَّكُ فيها، والمسلمون مُحِقُّون بالفَخْرِ بعِلْمِ حَديثِهِم» (١).


(١) " lectures on arabic historians" p. ٢٠.
وعبارة (مارجليوث) هذه - وهي من كتابِه المَرقومِ بالإنجليزيَّة - أدَّقُ مِمَّا اشتهر من نقلِ المُعلِّمي في الأنوار الكاشفة» (ص/١٠٣) عنه: «ليفتخر المسلمون بعلم حديثهم ما شاؤوا».

<<  <  ج: ص:  >  >>