للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياس والرَّأي! وعلى ذلك بَنى مَذهبَه؛ كما قَدَّم حديثَ القهقهةِ -مع ضعفِه- على القياسِ والرَّأي» (١)؛ وإن كان قد خولِف مِن الجمهور في منعِه تخصيصَ الآحادِ لعامِّ القرآن، لاعتبارِه إيَّاه نسخًا، والظَّني عنده لا ينسخ القطعيَّ (٢).

وأمَّا تلك القواعد الَّتي يوردها بعض الحنفيَّة فهي مِن اختراعِ عيسى بن أبان (ت ٢٢١ هـ) (٣)، فهو مَن أصَلَّ لوجوبِ عرضِ الصِّحاحِ على القرآن (٤)، وأنَّه يُردُّ منها فيما تَعُمُّ به البَلوى، وقام باستخلاصِ ما يُؤيِّد ذلك مِن بعضِ فتاوى أبي حنيفة وصَاحِبَيه أبي يوسف ومحمَّد الشَّيباني، «وهو كذِبٌ عليه، وعلى أبي يوسف ومحمَّد، فلم يَقُل ذلك أحدٌ منهم البتَّة» (٥)؛ ومع ذلك اغترَّ بها بعض الحنفيَّة كأبي الحسن الكرخي (٦).

وبهذا نكون قد أنهينا ما يَتعلَّق بأبي حنيفة؛ وعلى نفسِ هذا المَهيعِ نمشي في تفحُّصِ ما نُسب إلى مالكٍ من الطَّعنِ في بعض أحاديث «الصَّحيحين»، فنقول:


(١) «إعلام الموقعين» (١/ ٦١).
(٢) انظر تفصيل الأدلة الفريقين في «إرشاد الفحول» للشوكاني (١/ ٣٨٧).
(٣) عيسى بن أبان بن صدقة، قاض من كبار الحنفية، كان عفيفا، وسريعا بإنفاذ الحكم، وولي القضاء بالبصرة عشر سنين، من كتبه (إثبات القياس) و (الجامع في الفقه)، توفي سنة (٢٢١ هـ)، انظر «الجواهر المضية» (١/ ١٠٤).
(٤) انظر «المعتمد» لأبي الحسين البصري (١/ ١٥٤).
(٥) «مختصر الصواعق المرسلة» لابن القيم (ص/٦٠٧).
(٦) انظر «المبسوط» للسرخسي (١/ ٣٦٤ - ٣٦٧) و «كشف الأسرار» للعلاء البخاري (٣/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>