للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول المَازَريُّ (ت ٥٣٦ هـ): «وقد سَلكَ أصحابُنا هاتين الطَّريقتين .. » (١)، وكِلا المَسْلَكين فَرعٌ عن تَصحيحِهم للخَبر.

على أنَّ المَازريَّ اجترَأَ على مخالفةِ أساطينِ مَذهبِه في موقفِهم مِن العملِ بظاهرِ الحديث، فكان يقول: «الإنصافُ يَمنع مِن أن يكون تَركُ حكمِ مَسألةٍ مِن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِن كلامٍ أورَده مُختصًّا بها، مُعلَّقًا حُكمُها مِن كلامٍ آخرَ قصدُه بيانُ مَعانٍ أُخَرَ لا تدخل هذه المسألة فيها إلَاّ بحكمِ العَرض، أو الاتِّفاقِ، أو دعوى عمومٍ بَعُدَ ادِّعاؤُه، وجميعُ ما أوردناه عن أصحابِ هذه الطَّريقة هذا شأنُهم فيه» (٢).

وأَفْيَدُ منه موقف ابنِ رشدٍ الحفيد (ت ٥٢٠ هـ) من تركِ أئمَّته للعمل بظاهر هذا الحديث، حيث قال: «أمَّا أصحابُ مالكٍ، فاعتمدوا في ذلك على ظواهر سَمعيَّة، وعلى القياس؛ فلمَّا قيل لهم: إنَّ الظَّواهر الَّتي تَحتجُّون بها يُخصِّصها الحديث المذكور، فلم يبقَ لكم في مقابلةِ الحديثِ إلَّا القياس، فيلزَمُكم على هذا أن تكونوا مِمَّن يَرى تغليبَ القياسِ على الأثَر، وذلك مَذهبٌ مَهجورٌ عند المَالكيَّة .. ؛ فأجابوا عن ذلك: بأنَّ هذا ليس مِن بابِ رَدِّ الحديثِ بالقياسِ ولا تَغليبٍ، وإنَّما هو مِن بابِ تأويلِه وصَرفِه عن ظاهرِه» (٣).

الحديث الثَّالث:

أخرج الشَّيخان مِن حديث عائشة رضي الله عنها، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن ماتَ وعليه صيامٌ، صامَ عنه وَلِيُّه» (٤).


(١) «شرح التَّلقين» للمازري (٢/ ٥٢١)
(٢) «شرح التلقين» (٢/ ٥٢٤).
(٣) «بداية المجتهد» لابن رشد الحفيد (٣/ ١٨٨).
(٤) أخرجه البخاري في (ك: الصوم، باب: من مات وعليه صوم، برقم: ١٩٥٢)، ومسلم (ك: الصيام، باب: قضاء الصيام عن الميت، برقم: ١١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>