(٢) «براءة أهل السنة» لبكر أبو زيد (ص/٢٧٦). (٣) «بِدع التَّفاسير» لعبد الله الغماري (ص/١٨٠). وهذا الوصف بدوره مُجحفٌ من الغُماريِّ غير مُنصفٍ، فإنَّ الكوثريَّ وإن بالغَ غير مرَّةٍ في الدِّفاع عن أبي حنيفة ومذهبه بنوع شططٍ على المخالف، بدافع نفسيٍّ مما كان يعتقده تنقُّصًا من مُخالفه لإمامِه ومذهب أصحابِه، فإنَّه كان يؤصِّل نظريًّا لكونِ دين الله ليس وقفًا على أحدٍ من المجتهدين، وما من أحدٍ من الفقهاء -ومنهم أبو حنيفة- إلَّا وفي كلامه ما يؤخذ منه ويُرَدُّ.
فتراه -مثلًا- يقول في مقدمة «تأنيب الخطيب» (ص/١٢) في سياق تجويزه لاتِّباع أحد المُجتهدين من أرباب المذاهب الأربعة المعروفة: « .. وأمَّا ادِّعاء أنَّ إمامَه هو المُصيب في المسائل كلِّها في نفس الأمر، فرجمٌ بالغيب .. ومَن أقررنا له بأنَّه مجتهد، فقد اعترفنا له بأنَّه يخطئ ويُصيب .. فيكون القول في أحدِ المجتهدين بأنَّه مًصيب مطلقًا، مجازفةٌ يبرأ منها أهل العلم المُنصفون، لأنَّه يؤدِّي إلى رفعه لمقام العصمة». ولا يُقال عن هذا مجرَّد تنظير منه قد جفاه في تطبيقاته؛ لا! بل قد خالفَ الكوثريُّ إمامَه أبا حنيفة نفسَه في مسائل عدَّة، بل بَيَّن خَطأَه فيها، كردِّه عليه في «مقالاته» (ص/١٩٧) في إلزامه الوقف عند حكم القاضي به وعدم لزومه عند عدم حُكمه، وبيَّن الكوثريُّ أنَّ الدَّليل الصحيح يخالفه، وكذا في بعض المسائل الأخرى الَّتي خالفه فيها في كتابه «النُّكت الطَّريفة»، كمسألة انتباذ الخليطين، والمُزارعة.