للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمنهج العلميُّ الدَّقيق المتناسق دلالةٌ على حسن تصور صاحبِه، وسلامة فطرته؛ وإنِّي لآسف أن أقول أنَّ الكَوثَريَّ كان في كثيرٍ مِن مَقالاتِه وردودِه -ما تَعلَّق منها بمَسالك التَّصحيحِ والتَّعليل بخاصَّة- يكلَمُ بيدٍ ويَأسو بأخرى! قد نبَّأ بهذا عامَّة مَن تناول الكوثريَّ بالرَّد؛ فلذا خصَّ له أحمد الغُماريُّ «سِفْرًا نارِيًّا تجاوزَ في الحدِّ، بعاملِ ردِّ الفعلِ العَنيفِ» (١)، طُبع بعد وفاةِ الرَّجُلَين، جَمعَ فيه مُتناقِضاتِ الكوثريِّ، وضَمَّ إليه مُتضارِباته، وسَمَه بـ «بيانِ تلبيسِ المُفتري» (٢).

الفرع الثَّالث: مثالان للخلل القابع في منهجِ الكوثريِّ في إعلالِ الصِّحاح.

ولقد كان لهذا التَّجانف مِن الكوثريِّ عن إنصافِ أهل الحديثِ في منهجِ النَّقدِ، آثاره الوَخيمة على نظرِه إلى أحاديث «الصَّحيحين»، بحيث تراه جرِّيئًا على نسفِ كلِّ ما لم يَرُقه مِن مُتونِهما بدعاوي عقديَّةٍ ومذهبيَّة.


(١) من تقدمة محمد الأمين بوخبزة لكتاب «تكحيل العينين» (ص/٦).
(٢) مع أنَّ أحمد بن الصِّديق قد استجاز الكوثريَّ بمرويَّاته فأجازه! ذكر روايته عنه في ثَبته الكبير «البحر العميق» (١/ ٤٢٦)، وكذلك في ثَبته المختصر «المعجم الوجيز» (ص/١٠)، إلَّا أنَّه لم يستحمل من مُجيزِه خطاياه العلميَّة، خاصَّةً بعد أن عرَّض به الكوثري في بعضِ ردودِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>