للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الَّذين في صحيح مسلم، فمن ضعَّفهم الألبانيُّ فإمَّا أن يكون مسبوقًا في ذلك من المتقدِّمين، كحال عمر بن حمزة العمري؛ أو يكونوا مِمَّن أخرج لهم مسلم في المتابعات والشَّواهد لا الأصول، كهشام بن حسَّان وعياض بن عبد الله الفهريِّ.

لتصدُق بذا مقولةُ الذَّهبي في الرَّاوي الَّذي أخرج له الشَّيخان في الأصول: «تارةً يكون الكلام في تَليينِه وحفظِه له اعتبارٌ، فهذا حديثُه لا ينَحطُّ عن مرتبةِ (الحسن)، الَّتي قد نُسمِّيها: (مِن أدنى درجاتِ الصَّحيحِ)، فما في الكِتابين -بحمدِ الله- رجلٌ احتجَّ به البخاريُّ أو مسلم في الأصول ورواياتُه ضعيفة، بل حسنةٌ أو صحيحةٌ» (١).

ولقد رأيتُ كيف أقدم في نقدِه للصَّحيحين على تعليلِ أحاديث كاملةٍ لم يُسبَق فيها مِن ناقدٍ متقدِّم، بل العلماء على الإقرارِ بصحَّتِها روايةً ودرايةً، ثمَّ تأكَّد هذا الغلط في التَّعليل من غير سلفٍ بخطئه فيها مِن حيث الصَّنعة الحَديثيَّة.

ولن أستدلَّ في هذا المقامِ على غلط الألبانيِّ بأكثر من أن أنقل كلامَه هو الموافقِ على منع تعليل ما تلقَّته العلماء بالقبول في «الصَّحيحين»، وهو ما علَّق به على نصِّ ابن حجر لإفادة الحديث المتلقَّى بالقبول العلمَ، يقول فيه:

« .. وقد غفل عن هذا التَّلقي وأهميَّته كثير من النَّاس في العصر الحاضر، الَّذين كلَّما أشكل عليهم حديثٌ صحيحُ الإسناد لجؤوا إلى ردِّه، بحجَّة أنَّه لا يفيد القطع واليقين، فهم لا يقيمون وزنًا لأقوال الأئمَّة المتخصِّصين الَّذين قيَّدوا قولَهم بأنَّ حديث الآحاد يفيد الظَّن بقيود، منها: إذا كان مختلفًا في قبوله.

أمَّا إذا كان مُتَلقًّى مِن الأمَّة بالقبول، لا سيما إذا كان في «الصَّحيحين» على ما بيَّنه المؤلِّف رحمه الله: فهو يفيد العلمَ واليقينَ عندهم، ذلك لأنَّ الأمَّة معصومة عن الخطأ، .. فما ظنَّت صحَّته، ووجب عليها العمل به، فلا بدَّ أن يكون صحيحًا


(١) «الموقظة» (ص/٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>