حتَّى إذا جاءَهم عَالِمٌ ناصحٌ بالكَفِّ عن هذا العَبَثِ في الصِّحاح، أَخذتهُم العِزَّةُ بالإثمِ، وقالوا: أليسوا رجالًا ونحنُ رجال؟! فهذا الألبانيُّ طَعَنَ، فلِمَ التَّحجير علينا نحن؟!
تسمعُ مثل هذا القياسِ الباطل على نقدات الألبانيِّ مِن أحدِ المُتهوِّرين في نقد ما اتُّفق عليه بمحضِ الرَّأي، حيث يقول:«إنَّ نقدَ أحاديث بعينِها لن يكون مَطْعَنًا في السُّنَة، ولا في مَن قامَ بالنَّقد، وهذا الشَّيخ ناصر الألباني، قد نَقدَ عشراتِ الأحاديثِ في صحيحِ مسلمٍ، وشيئًا يَسيرًا في صحيح البخاري! .. »(١).
فحينئذٍ نقول لأمثالِ هؤلاء: إن أبَيْتم إلَّا اقتحامَ أرضِ السِّباع، فاتركوا عنكم الاحتجاجَ بالألبانيِّ وأمثالِه مِن العلماءِ، فإنَّ عذرَ هذا فيما تَولَّاه مَعقول -على ما فيه من هناتٍ- صادرٌ في ذلك كلِّه عن تخصُّصه في قواعد النَّقد وخِبرةٍ، ثمَّ المُتخَصِّصون يَتَعقَّبونه بنفسِ تلك القواعد؛ فأين هذا مِن مَنهجكم؟!
فها هي أحاديث «الصَّحيحين» التَّي تَكلَّم فيها الألبانيُّ مبثوثة في كُتبه، فتأمَّلوها؛ هل رأيتموه يَطعن في أيٍّ من متونها لأنَّ عقلَه أو ذوقَه لم ترُقه كما تفعلون؟!
والألبانيُّ إذْ تكلَّم مِن ذلك في سِتَّة متونٍ -بصرفِ النَّظر عن صواب نقدِه من خطئه- قد كان مُتبِعًا لذلك بنقدِ أسانيدِها! مُعلِّلًا مصدر ذلك مِن النَّاحية الحديثيَّة كما هي الجادَّة عند المُتقدِّمين.
فاسمعوها منه يُعلِنها مُدْوِيةً في أذانِ المُتصَيِّدين لبعضِ اجتهاداتِه ذريعةً للطَّعن في أحاديث «الصَّحيحين» بمَحضِ التَّمَعقُلِ والتَّشهِّي، حيث يقول بعد تضعيفه لفقرةٍ مِن حديثٍ في البخاريِّ:
(١) من مجموع مقالات لحمد سعيد حوَّا بعنوان: «منهجية التعامل مع السنة النبوية» برقم: ٦٨، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية، بتاريخ ١٢/ ٤/٢٠١٠ م.