للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، ولا تتهيَّب الحُكم عليه بالوضعِ لِما يذكرونه مِن الإجماعِ على صحَّة ما فيهما .. » (١).

فيزعمون أنَّه قد أقرَّ الغُماريَّ على وجودِ المَوضوعاتِ في «الصَّحيحين»، وأنَّه لا ينبغيِ التَّهيُّبِ مِن الحكمِ بذلك فيهما، يَعْنونَ ما عقَّب به الألبانيُّ كلامِ الغُماريِّ حيث قال: «وهذا مِمَّا لا يَشكُّ فيه كلُّ مُتمرِّس في هذا العلمِ، وقد كنتُ ذَكرتُ نحوَه في مُقدِّمة «شرح العقيدة الطَّحاوية» .. غير أنِّي أتَخوَّف مِن قولِ الغُماري أخيرًا: « .. لمُخالفتِها للواقع»، لِما يُخشَى مِن التَّوسُّع في ذلك» (٢).

هذا كلامُ الألبانيِّ؛ وعند نظري في سياقِه وباقي نصوصِه في هذه المسألةِ، خلُصت إلى أنَّ الألبانيَّ -وإن أخطأ في عباراته تلك الَّتي توهم الموافقة للغُماريِّ! إذ كان ينبغي في مثل هذه المضايق التَّفصيل والاحتراز والدِّقة في انتقاء الألفاظ كما عهدناه من مزايا الألبانيِّ في الجملة- غير أنِّي أحيد بتعليقه ذاك أن يكون صريحًا في مُوافقة كلامِ الغُماريِّ كلِّه؛ ذلك أنَّ كلام الغُماريِّ تَضَمَّن عدَّة أفكار:

أولَاها: القطع ببطلان أحاديثَ في «الصَّحيحين» لمخالفتِها للواقع.

ثانيها: لزوم الحكم على مثل هذه الأحاديث فيهما بالوضعِ.

ثالثُها: نفي الإجماع على صحَّة كلِّ أحاديثهما.

رابُعها: أنَّ هذه الأباطيل والمُنكرات ليست سِمةً في الكتابين، وليس كثيرةً فيهما.

والَّذي يَتأمَّل تعليقَ الألبانيِّ -مع استحضار ما نقلناه من نصوص كلامه آنفًا في موقفه من الصَّحيحين- سيظهر له أنَّه إنَّما استشهد بالفِكرتين الأخيرتين من كلام الغُماريِّ فحسب، والدَّليل استعمالُه لهذا النصِّ الغُماريِّ في مَعرضِ الرَدِّ


(١) سبق نقله (١/ ٧٤٠).
(٢) «آداب الزفاف» للألباني (ص/٥٩ - ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>